لكنّ الميرزا قدسسره أنكر الاستحالة وادّعى الإمكان إلّا أنّه أنكر الوقوع ، بل سلّمه في خصوص القطع الحاصل من القياس فقط (١) ، لدلالة خبر أبان (٢) على المنع عن اتّباع القطع الّذي يحصل من القياس إمّا بنحو الشرطيّة أو بنحو المانعيّة وأنكر الدليل على المنع عن غيره ، فافهم وتأمّل.
فيقع الكلام أوّلا في ثبوت نسبة هذا الكلام إلى الأخباريّين كلّية أو بنحو الموجبة الجزئيّة فنقول : ظاهر كلام المحدّث الاسترآبادي هو النهي عن اتّباع الظنّ الغير الحاصل من الكتاب والسنّة (٣) وكذا ظاهر كلام جملة من الأخباريّين ذلك (٤) ولكن ظاهر كلام من قسّم القطع إلى الضروري والنظري وأنّ الضروري يتّبع على كلّ حال وأنّ النظري إنّما يتّبع إذا كان طريق القطع خصوص الكتاب والسنّة هو النهي عن اتّباع القطع الغير الحاصل من الكتاب والسنّة ، فثبت موجبة جزئيّة أنّ من الأخباريّين من يقول بأنّ القطع الغير الحاصل من الكتاب والسنّة لا يجوز العمل على طبقه (٥).
ذهب الميرزا النائيني (٦) إلى أنّ النهي عن القطع الغير الحاصل من الكتاب والسنّة أمر ممكن إلّا أنّا نطالب الأخباريّين بالدليل المانع ، وقد ذكر قدسسره في وجه الإمكان أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد كما مرّ ذكره تقابل العدم والملكة ، فالإطلاق عدم التقييد ممّا من شأنه وقابليّته التقييد ، والتقييد عدم الإطلاق ممّا من شأنه الإطلاق ، فإذا استحال أحدهما استحال الثاني. وحينئذ فخطاب المولى وقوله : «يجب الصلاة
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ١٣ ـ ١٤.
(٢) الوسائل ١٩ : ٢٦٨ ، الباب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأوّل.
(٣) انظر الفوائد المدنية : ١٢٨ ـ ١٣١.
(٤) انظر شرح التهذيب للجزائري : ٤٧ (مخطوط) ، والدرر النجفية : ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٥) راجع الهامش ١.
(٦) انظر فوائد الاصول ٢ : ١٢ ـ ١٤.