وهو لا يسقط حتّى يسقط الأصل في الإناء الثاني لقبح الترجيح من غير مرجّح ، وإذا سقط الأصلان معا جرت أصالة الطهارة في الثوب من غير معارض.
وعلى هذا التقريب تتوجّه الشبهة الحيدريّة المعروفة وهي أنّ أصالة الطهارة في الثوب يعارضها أصالة الحلّ في الإناءين وهما أيضا مسبّبان عن أصالة الطهارة فهما في رتبة واحدة. نعم بعد سقوط أصالة الطهارة في الثوب تجري أصالة الحلّ لو كان مأكولا مثلا ، ولكن لا يجوز استعماله في ما يعتبر فيه إحراز الطهارة) (١).
وتفصيل الكلام أن يقال : إنّ طرفي العلم الإجمالي تارة تكون الاصول الجارية في كلّ طرف بعينها تجري في الطرف الآخر ، نظير الإناءين اللذين يعلم إجمالا بنجاسة أحدهما فأصالة طهارة كلّ منهما معارض بمثله ، وكذا أصالة الحلّ في كلّ منهما أيضا معارض بمثله ، واخرى يكون في أحد الطرفين أصلان طوليّان يعني يكون أحدهما مسبّبا عن الآخر ، وفي الثاني يجري أحد الأصلين كما إذا علم بنجاسة ثوب أو إناء ماء ففي الثوب لا تجري إلّا أصالة الطهارة أو استصحابها ، وفي الإناء تجري أصالة الطهارة واستصحابها أيضا فيتساقطان ، وفي الإناء أصل آخر يمتاز به وهو أصالة الحلّ ، فإن جرت أصالة الطهارة في الثوب كانت رافعة للشكّ الذي هو موضوع أصالة الحلّ ، وهذا بخلاف ما لو لم تجر أصالة الطهارة فيتحقّق موضوع أصالة الحلّ.
إلّا أنّ الكلام في أنّه تتساقط جميع الاصول بالتعارض بمعنى أنّ وجود أصل واحد في أحد طرفي العلم الإجمالي يكفي في إسقاط جميع الاصول في طرفه الثاني أم لا؟ وليس هذا الأمر صريحا في كلماتهم. نعم ، في كلام الميرزا قدسسره إشارة إليه تقتضي تساقط جميع الاصول في أحد الطرفين بمجرّد معارضة أصل واحد
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.