فلذا يوصف «الله» تعالى بالعلم باعتبار ملكة الجهل بالنوع ، وكذا جهل الممكن بذات الواجب باعتبار قابليّة النوع للعلم بالمدركات وإن لم تكن لها قابليّة بالنسبة إلى خصوص هذا المدرك.
إذا عرفت هذا عرفت أنّ باب الإطلاق والتقييد من هذا القبيل ، فاستحالة الإطلاق توجب ضرورة التقييد كما أنّ استحالة التقييد توجب ضرورة التقييد بالطرف المقابل أو ضرورة الإطلاق ، وحيث إنّ التقييد بالطرف المقابل مستحيل أيضا إذ لا يمكن أن يقال : «أيّها الجاهل بالوجوب للصلاة يجب عليك الصلاة» فيتعيّن أن يكون الإطلاق ضروريّا ، مضافا إلى أنّ الإهمال لا يمكن في الواقعيّات ، لأنّه يستحيل أن يكون نفس الحاكم جاهلا بموضوع حكمه. ولذا التزموا بأنّ الأحكام العقليّة لا يعقل فيها الإهمال ، لأنّ الحاكم هو العقل ولا يمكن أن لا يعلم موضوع حكمه (١).
وما ذكره الميرزا النائيني من استشهاده لمتمّم الجعل الّذي يبيّن أنّ الحكم يختصّ بخصوص العالم بمسألة الجهر والإخفات والإتمام في موضع القصر (٢) فهي أجنبيّة عمّا يدّعيه من تقييد الحكم المهمل ، بل هي إنّما تدلّ على أنّ ما أتى به مجزيا لا أنّه مكلّف بالجهر في صورة العلم بالحكم ، بل ظاهره الإجزاء وأنّه مخاطب بعمل غير هذا لكن هذا يجزي عن ذاك (بقرينة قول السائل في الرواية أجهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه أو أخفت فيما لا ينبغي الإخفات فيه (٣)؟ وفيه دلالة على شمول الحكم الواقعي له ، وقد أقرّه الإمام على معتقده ولم يردعه) (٤). ولذا يلتزمون ظاهرا باستحقاقه العقاب غاية ما هناك أنّه ليس عليه قضاء ولا إعادة ، فافهم.
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٢ : ١٤.
(٢) انظر فوائد الاصول ٢ : ١٣.
(٣) الوسائل ٤ : ٧٦٦ ، الباب ٢٦ من أبواب القراءة ، الحديث ١ و ٢.
(٤) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.