بل هو عدم تكليف ، وعلى هذا قلنا بجريان البراءة العقليّة لقبح العقاب على ما لا بيان له وهو تقييد وجوب الأجزاء المعلومة بالأجزاء المشكوكة ، هذا كلّه في الأجزاء الخارجيّة التي لها وجود خارجي.
وأمّا الأجزاء التحليلية وهي الشكّ في الشرطيّة فنتكلّم الآن عنها فنقول : الشرط المشكوك شرطيّته أي المشكوك تقيّد الواجب به إمّا أن يكون لذاته وجود خارجي في مقابل وجود المشروط به ، سواء كان متقدّما كالغسل الليلي السابق للمستحاضة بالنسبة إلى صوم اليوم الّذي بعده أو متأخّرا كالغسل الليلي لها بالنسبة إلى صوم اليوم المتقدّم أو مقارنا كالغسل النهاري بالنسبة إلى صومها المقارن.
وإمّا أن لا يكون لذاته وجود في الخارج في مقابل وجود المشروط به ، وحينئذ فإمّا أن يعدّ عرفا من الأعراض العارضة عليه كالإيمان بالنسبة إلى الرقبة الواجبة العتق ، وإمّا أن يعدّ عرفا من مقوّماته كالإنسانيّة بالنسبة إلى الحيوان.
أمّا الكلام في القسم الأوّل ـ وهو ما كان ذات المشكوك شرطيّته له وجود مستقلّ كالأغسال ـ فالكلام فيه عين الكلام في الجزء المشكوك جزئيّته ، فمن قال في الشكّ في الأجزاء بعدم جريان البراءة العقليّة قال به هنا كالميرزا والآخوند قدسسرهما (١) ومن قال بجريانها في الشكّ في الأجزاء قال بها هنا بعين التقريب المتقدّم ، وهو أنّا نشكّ في أنّ التكليف المتوجّه إلينا مطلق بالإضافة إلى هذا الشرط أو مقيّد به فأصالة البراءة من التقييد لقبح العقاب بلا بيان محكّمة ، ولا يعارضها أصالة البراءة من الإطلاق ؛ لأنّ الإطلاق ليس فيه تضييق حتّى يجري فيه قبح العقاب بلا بيان.
(وما ذكر في الكفاية من أنّ الانحلال المتوهّم في الأجزاء لا يكاد يتوهّم هنا ، بداهة أنّ الأجزاء التحليليّة لا تتّصف بالوجوب المقدّمي (٢). مندفع بأنّ ملاك
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٤١٣ ، وأجود التقريرات ٣ : ٥٠٧.
(٢) كفاية الاصول : ٤١٧.