الاولى : هي قوله صلىاللهعليهوآله : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (١) (والكلام فيها سندا فهي نبويّة ضعيفة يرويها ضعيف عن مثله حتّى تنتهي إلى أبي هريرة المعلوم كذبه باعترافه في غير مقام ، مضافا إلى أنّها في صحيح مسلم بهذا المتن وفي صحيح النسائي : «فخذوا به ما استطعتم» وعن الذكرى : فأتوا به ما استطعتم (٢). ولم يعلم جبر سندها بفتوى المشهور ؛ لأنّهم في غير الصلاة من الطهارة والصوم والحجّ وغيرها لم يلتزموا بإتيان الميسور وفي الصلاة التزموا لدليل آخر ، وعلى تقدير كون فتوى المشهور مطابقة فلم يعلم استنادهم إلى هذه الرواية مع اضطراب في متنها كما ذكرناه) (٣).
وأمّا دلالتها فبدعوى ظهور «من» في التبعيض وتعلّقها ب «استطعتم» وكون «ما» في : ما استطعتم موصولة ، أمّا ظهور «من» في التبعيض فمسلّم ، بل ربّما ادّعى بعضهم أنّها لا تستعمل في غيره موجّها البيانيّة بأنّها للتبعيض أيضا فإنّ التبعيض فيها باعتبار الأفراد ، بخلاف التبعيض في غير البيانيّة فإنّها باعتبار الأجزاء.
وبالجملة ، فدعوى ظهور كلمة «من» في التبعيض لا ينكر إلّا أنّ الإشكال في خصوص هذه الرواية ، فإنّ حملها على التبعيض المتعارف لا يلائم موردها كما هو معلوم لمن لاحظ المورد ، فلا بدّ من رفع اليد عن ظهورها في التبعيض ليلائم موردها وهو قضية الحجّ الّذي سئل صلىاللهعليهوآله عنه أنّه في كلّ سنة أم في سنة واحدة فأجاب بما اشتمل على قوله : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم».
__________________
(١) صحيح مسلم باب فرض الحجّ مرّة في العمر ، الحديث ١٣٣٧ ، وسنن النسائي ، كتاب الحج الباب الأوّل ، الحديث الأوّل.
(٢) الذكرى ١ : ٢٣ وفيه : منه.
(٣) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.