متعدّدة فإذا اختار اعتبار وجوده في الدفعة الاولى فليس له اختيار عدمه في الدفعة الثانية ؛ لأنّه حينئذ يقطع بالمخالفة فالتخيير ابتدائي لا استمراري ، وقد تقدّم الكلام في هذا في التخيير.
ثالثها : وهي التي عقدت لها هذه المسألة في كلام الشيخ الأنصاري ما إذا تردّد أمر شيء بين كون وجوده معتبرا شرطا أو شطرا وبين كون عدمه معتبرا ؛ لأنّه قاطع أو مانع في واجب له أفراد تدريجية مثل الصلاة مثل بين الزوال والغروب وقد أفاد الشيخ الأنصاري قدسسره في المقام أنّ المقام من مقامات التخيير (١).
وغاية ما يمكن في توجيهه في المقام أنّه مبنيّ على الدوران بين الأقلّ والأكثر ، فمن اختار البراءة فيه اختارها هنا ومن اختار فيه الاشتغال اختاره هنا ، وحيث إنّه قدسسره بنى على البراءة فهنا أيضا بنى على البراءة فيكون المقام حينئذ من قبيل الدوران بين المحذورين والعلم الإجمالي لا مانع من جريان الاصول في أطرافه ؛ لعدم استلزامها حينئذ مخالفة عملية والمخالفة الالتزامية غير ضائرة ، ولكن الظاهر أنّه فرض الصلاة متحقّقة على كل تقدير ، وحينئذ فإمّا أن يأتي بذاك المحتمل دخله وجودا أو عدما وإمّا أن يتركه وليس كذلك ؛ لأنّ الشخص يستطيع من الموافقة القطعيّة بأن يأتي بصلاتين ، ومن المخالفة القطعية بأن يترك ذلك المركّب كلية ، وحينئذ فمقتضى تمكّنه من الموافقة القطعيّة لزوم تكرار الصلاة تحصيلا للموافقة القطعيّة الممكنة في حقّه.
وبالجملة ، فمقتضى القاعدة في المقام لزوم الاحتياط بتكرارها تارة واجدة لما يحتمل اعتباره ، واخرى فاقدة له ، فحينئذ يتحقّق الامتثال على جميع التقادير. وليس المقام من مقام الدوران بين الأقلّ والأكثر ؛ لأنّ الشكّ هناك في التكليف وهنا في تعيين ما كلّف به.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٠٠ ـ ٤٠٢.