كحديث الرفع (١) وغيره (٢) ولكنّ الظاهر عدم مناقشة أحد في اشتراط الفحص في جريانها ، وإنّما الكلام في الدليل المقيّد لإطلاق الأدلّة المذكورة للبراءة الشرعيّة.
وكيف كان فقد زعم أنّ المقيّد لإطلاقها الإجماع ، وهو وإن كان متحقّقا إلّا أنّه ليس تعبّديّا حتّى يكشف عن رأي المعصوم عليهالسلام وإنّما هو مستند إلى الأدلّة الّتي نذكرها ، فالإجماع تقييدي.
وقد زعم بعضهم أنّ المقيّد لإطلاق الأدلّة هو حكم العقل ، وقد قرّر بوجهين :
أحدهما : العلم الإجمالي لكلّ مكلّف بأنّ عليه تكاليف إلزاميّة فما لم ينحلّ العلم الإجمالي لا يمكن جريان البراءة ، فلا بدّ من الفحص حيث تجري البراءة ليعلم أنّ مجراها ليس من موارد التكليف.
وقد أشكل عليه الآخوند قدسسره (٣) بأنّ هذا الدليل أخصّ من المدّعى ؛ لأنّ من انحلّ له العلم الإجمالي بالظفر بمقدار المعلوم بالإجمال إذا شكّ بعد ذلك في وجوب شيء وعدمه ينبغي أن يجوز له جريان البراءة من غير فحص ، وليس كذلك.
وقد ردّ عليه الميرزا النائيني قدسسره (٤) بأنّ العلم الإجمالي ليس متعلّقا بشيء ليس له عنوان إلّا العدد حتّى ينحلّ إذا ظفر بذلك العدد ، بل العلم الإجمالي تعلّق بعدد معنون بعنوان كونه مكتوبا في كتب الأخبار ، فالمكلّف يعلم إجمالا بتكاليف إلزاميّة بمقدار خمسمائة تكليف إلزاميّة موجودة في كتب الأخبار ، وحينئذ فجميع ما في الكتب
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٩٥ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث الأوّل.
(٢) كحديث الحجب ، وحديث السعة انظر : الوسائل ١٨ : ١١٩ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٨ ، والمستدرك ١٨ : ٢٠ ، الباب ١٢ من أبواب مقدمات الحدود ، الحديث ٤.
(٣) كفاية الاصول : ٤٢٥.
(٤) أجود التقريرات ٣ : ٥٥٨.