وإنّما الكلام في قيام الأمارات بدليل حجّيّتها مقام القطع المأخوذ على نحو الموضوعيّة.
فربّما يقال بقيام الأمارات مقامه بجميع أقسامه. وربّما يقال بعدم قيام الأمارات بدليل حجّيّتها مقامه بجميع أقسامه كما ذهب إليه الآخوند قدسسره (١). وربّما يقال بقيام الأمارات بدليل حجّيّتها مقام المأخوذ في الموضوع بنحو الكاشفيّة دون المأخوذ بنحو الصفتيّة ، وعليه الشيخ الأنصاري (٢) والميرزا النائيني (٣) ـ قدّس سرهما ـ والآخوند منع قيام الأمارات مقام القطع مطلقا بدليل حجّيّتها ، أمّا إذا كان هناك دليل غير دليل الحجّيّة دلّ على جعل الأمارات موضوعات كالقطع بجميع لوازمه فلا مجال للإنكار عليه ، لأنّ الشارع بيده موضوعات أحكامه فلا حقّ لأحد في الاعتراض عليه أصلا. وإنّما منع الآخوند قدسسره من قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي لأنّه زعم أنّ دليل الحجّيّة يمكن أن يكون ناظرا للواقع فيكون قد نزّل الأمارة مقام القطع الطريقي بما أنّه كاشف عن الواقع فتكون الأمارة ملحوظة بنحو الآلة ، وأن يكون ناظرا إلى الصفة الحاصلة من الأمارة كالظنّ وضعف التردّد ، فيكون النظر للأمارة نظرا مستقلّا وهو القطع الموضوعي ودليل الحجّيّة واحد فلا يمكن أن ينزّله منزلة القطع ، لأدائه إلى اجتماع اللحاظين : الآليّة والاستقلاليّة في آن واحد. ثمّ أورد على نفسه بأنّ أدلّة الحجّيّة تكون مجملات حينئذ ، وأجاب بأنّها ليست مجملات أصلا لبناء العرف على تنزيلها منزلة القطع آليّا كما هو واضح (٤).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٠٥.
(٢) الفرائد ١ : ٣٣ ـ ٣٤.
(٣) فوائد الاصول ٢ : ٢١.
(٤) انظر كفاية الاصول : ٣٠٤ ـ ٣٠٥.