ومن هنا ظهر أنّ ما ذكره في الكفاية (١) : من أنّ الضرر والنفع بينهما تقابل العدم والملكة وأنّ عدم النفع ممّا من شأنه النفع ضرر ، ليس كذلك أصلا فإنّ الضرر وان كان أمرا عدميّا إلّا أنّه ليس عدم النفع بل هو النقص كما ذكرنا.
وأمّا الضرار فالظاهر أنّه مصدر لضارّه يضارّه وأنّ المراد به القيام مع الغير مقام المضارّة ، فإنّ الضرار وإن اخذ من ضارّه الّذي هو باب المفاعلة الّتي ادّعي أنّها من الامور المتقوّمة بطرفين إلّا أنّها بحسب الاستعمالات العرفيّة خصوصا في القرآن وغيره عبارة عن القيام للضرر مع الغير نظير : نادى وقاتل وغيرها المستعملة في قيام المرء مقام المناداة والمقاتلة من ذلك الغير ، وحينئذ فالمراد من الضرار القيام من الغير مقام المضارّة. ويدلّ عليه أمران :
الأوّل : قوله صلىاللهعليهوآله إنّك رجل مضارّ ولا ضرر ولا ضرار.
الثاني : إصرار سمرة على عدم البيع حتّى بذل له عوض عذقه عشرة أعذق بل وحتّى بذل له عذق في الجنّة وهو ممتنع عن ذلك ، فقال له النبي : إنّك مضارّ ولا ضرر ولا ضرار (٢) ولا قيام مقام المضارّة في الإسلام.
ثمّ إنّ هنا شيئا يجب التنبيه عليه وهو أنّ تطبيق لا ضرر على المورد في قصّة سمرة بن جندب غامض ، وذلك أنّ الضرر في المقام هو عبارة عن دخول سمرة على الأنصاري بغير إذنه وليس وجودها في منزله ضررا فكيف يقلعه الأنصاري بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله ويرمي به إليه أو وجهه؟
وبالجملة ، فتطبيق لا ضرر على القلع والرمي مشكل جدّا ، وقد اعترف الشيخ الأنصاري قدسسره بهذا الإشكال إلّا أنّه قال : إنّ هذا الإشكال لا يضرّ بالاستدلال فإنّا نستدلّ بها وإن لم نعلم كيفيّة تطبيقها في الخبر (٣).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٣٢.
(٢) الكافي ٥ : ٢٩٤ ، الحديث ٨.
(٣) انظر رسائل فقهيّة : ١١١.