ولا يقاس برفع الخطأ والنسيان ؛ لأنّ الخطأ والنسيان لا يمكن رفع حكمهما المترتّب عليهما ؛ لأنّ الأحكام المرتّبة على الخطأ والنسيان بعنوانهما لا يرتفعان قطعا ، فلا بدّ من إرادة أحكامهما لو لا الخطأ والنسيان ، وليس الخطأ والنسيان الشارع هو المسبّب لهما حتّى يرفعهما ، بخلاف الضرر فإنّ منشأه جعله ، مضافا إلى أنّ الخطأ والنسيان هما المسبّبان للفعل الخطئي أو النسياني فيمكن رفعهما وإرادة رفع الشيء والأثر المسبّب عنهما ، بخلاف الضرر فإنّه ليس سببا للفعل ، فإذا رفعه واريد رفع الأثر الناشئ منه يكون معناه الرفع للشيء حال الضرر ومثله لا يصحّ رفعه برفع الضرر ؛ لأنّه يكون من قبيل رفع الشيء برفع ظرفه وهذا ليس بصحيح ، مثلا لا يقال في لا صوم في السفر لا سفر.
(مضافا إلى أنّ مفاد قوله : «رفع عن امّتي الخطأ والنسيان» (١) ، كون الخطأ والنسيان مؤاخذا عليهما في الشرائع السابقة ، وقد ذكرنا أنّ المؤاخذة عليهما ليس خروجا عن قانون العدل لإمكان الأمر بالتحفّظ ، وحينئذ فتكون تلك الأحكام هي المرفوعة في هذه الشريعة ، وهذا بخلاف الضرر فإنّه لا حكم له إلّا التحريم في جميع الشرائع ورفعه نقيض المقصود) (٢).
ثمّ إنّه بعد ما ذكرنا من أنّه معنى لا ضرر ليس إلّا نفيا لجعل الحكم الّذي ينشأ منه الضرر نظير نفي الحرج يستفاد منه تحريم إضرار شخص لآخر أيضا ؛ لأنّه لو لا التحريم لكان مرخّصا في ذلك والترخيص في ذلك حكم ينشأ منه الضرر.
فتلخّص أنّ لا ضرر يستفاد منها تحريم الإضرار بل لا بدّ من ذلك ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله طبّقها على تحريم إضرار سمرة بذلك الأنصاري (*).
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٩٥ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ١ و ٢.
(٢) ما بين القوسين من إضافات الدورة الثانية.
(*) والإنصاف أنّ تحريم الإضرار بالغير وإن كان مسلما إلّا أنّ الاستدلال عليه بلا ضرر غير تامّ ؛ لأنّ الحكم الترخيصي بالإضافة إلى المطيع ليس علّة تامّة للفعل ، بل له أن يترك ،