وإن كان الحكم تحريم حفر البالوعة فالتحريم حكم ضرري على نفسه ـ أي المالك ـ فلا يشمل المقام ؛ لأنّ شموله خلاف الامتنان وحينئذ فالمرجع الأصل العملي وهو الإباحة.
وهذا الوجه وإن كان تامّا بناء على أنّ «لا ضرر» ترفع الحكم الترخيصي أيضا ، إلّا أنّه لا يجري حيث يكون في ترك الحفر فوات نفع ، وإنّما يجري حيث يكون في ترك الحفر ضرر ، فلا يكون توجيها لحكم المشهور في كلتا الصورتين أصلا.
نعم يكون توجيها لحكمهم في صورة الضرر بجواز الحفر دون عدم الضمان ؛ لأنّ حديث «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» محكّم لا محيص عنه ، فلا بدّ من الحكم بجواز الحفر حيث يكون في تركه ضرر على نفسه دون موارد فوات النفع ، فالوجه الحرمة فيه.
(هذا كلّه بناء على أنّ حديث «لا ضرر» يرفع الحكم الترخيصي كما يرفع الحكم الإلزامي ، وأمّا بناء على ما قدّمنا من أنّه لا يرفع إلّا الحكم الضرري ـ أي الّذي ينشأ منه الضرر ـ فلا يتمّ حينئذ ؛ لأنّا لا نعلم بجعل حكم ضرري ؛ لأنّ المفروض أنّ تحريم حفر البالوعة ضرري يرتفع بالحديث إلّا أنّ إباحة حفرها لا يرتفع لعدم كونه ضرريّا ؛ لأن له أن يترك حفرها باختياره.
وحينئذ فلا بدّ من أن يلتجئ إلى وجه آخر وهو أنّ «لا ضرر» ترفع الحكم الضرري وهو تحريم حفر البالوعة إلّا أنّ لا ضرار تثبت تحريم الإضرار بالغير فهي تثبت تحريم الحفر ، وحينئذ فيتنافى الصدر والذيل فالصدر بمقتضى الامتنان لا يحرّم التصرّف والذيل بمقتضى الامتنان أيضا يحرّم التصرّف. بل وبهذا الوجه يتمّ كلام المشهور في كلا القسمين يعنى حتّى فيما يفوت به النفع لو ترك ؛ لأنّ تحريم الإضرار لمّا كان امتنانيّا فلا يأتي حيث يكون فيه فوات نفع ؛