ولا يخفى أنّ هذه الرواية قد ذكرها السيّد بحر العلوم قدسسره في فرائده (١) مسندة إلى الباقر عليهالسلام وروى الثانية أيضا كذلك وروى الثالثة مسندة إلى أحدهما عليهماالسلام مضافا إلى أنّ الشيخ نفسه عند نقل كلام السبزواري في ضمن كلامه نقل قوله : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام فلا نحتاج حينئذ إلى القرائن الكاشفة عن المسئول وحينئذ فلا مناقشة في سندها.
وأمّا الكلام في الدلالة فالظاهر كون قوله عليهالسلام : «فإنّه على يقين» كما ذكره الشيخ قدسسره (٢) قد دخلت فاء الجواب على علّته : فالجواب محذوف وهو فليمض على يقينه ، وعلّة ذلك «إنّه على يقين من وضوئه ولا ينقض ...» الخ نظير قوله تعالى : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ)(٣) وقوله : «فإن أعرضوا فإنّ الله غنيّ عن العالمين» (٤) وغيرهما.
وما زعمه الميرزا من كون الجواب هو مدخول الفاء (٥) لا يخفى وهنه ، فإنّ قوله : «فإنّه على يقين» إن قصد بها الإخبار فلا ربط بينها وبين ما قبلها بل هي اتفاقيّة فلا يناسبها دخول الفاء ، وإن قصد بها الإنشاء فالجملة الخبريّة الّتي تستعمل في الإنشاء هي «يعيد ويغتسل» وأشباهها ممّا هو فعل مضارع أو جملة اسميّة «كهي طالق وهو حر» والأخير لا يستعمل في طلب شيء وإنّما الأوّل هو المستعمل في الطلب.
وبالجملة إنّ قوله : «فإنّه على يقين» جملة اسميّة ابتدائيّة ولم نعهد وقوعها في طلب شيء ، وعلى تقدير التنزّل فالطلب في مثلها إنّما يتعلّق بالمحمول ومادّته ، والمحمول هنا اليقين وهو حاصل.
__________________
(١) لا يوجد عندنا.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٥٦.
(٣) آل عمران : ١٨٤.
(٤) الآية هكذا : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ، آل عمران : ٩٧.
(٥) انظر أجود التقريرات ٤ : ٣٢ ـ ٣٣.