فنقول : الإجزاء قد يكون إجزاء ظاهريّا كما إذا استند صحّة عمله إلى أمارة شرعيّة ، وذلك كأن يصلّي بالثوب المستصحب طهارته فإجزاء هذه الصلاة إجزاء ظاهري لاستناده الى أمارة شرعيّة.
وهذا الإجزاء الظاهري لا يكون إلّا مع الشكّ في صحّة الصلاة واقعا ، ولا يجري حيث يقطع بوقوعها بثوب نجس. وهذا الإجزاء الظاهري قد يكون بعد الفراغ من العمل كما في قاعدة الفراغ ، وقد يكون في الأثناء كما في الاستصحاب في أثناء الصلاة مثلا ، كما أنّه قد يكون علّة الحدوث بنفسها هي علّة البقاء ، كما إذا استصحب طهارة الثوب فصلّى فشروعه بالصلاة مستند إلى الاستصحاب ، وبعد فراغه عدم إعادة الصلاة أيضا مستند إلى نفس ذلك الاستصحاب إذ لم ينكشف خلافه ، وقد يكون علّة الحدوث فيه غير علّة البقاء ، مثل ما لو جرى شكّه إلى اليقين فارتفع اليقين إلّا أنّه قامت عنده بعد الصلاة أمارة شرعيّة كالبيّنة على طهارة الثوب ، فعدم القضاء مستند إلى علّة اخرى وهي البيّنة وهي غير علّة الحدوث وهو الاستصحاب. وأمّا الإجزاء المعروف فهو الإجزاء الواقعي ، وهو الّذي يوجب ارتفاع الواقع بخصوص حال قيام الأمارة ، وهذا يأتي حتّى في صورة اليقين بالمخالفة ، إذ كما بيّنّا في باب الإجزاء أنّ إجزاء الحكم الظاهري عن الواقعي معناه رفع اليد عن إرادة الواقعي ، وإلّا فلا معنى لكون الواقعي ثابتا مطلوبا للمولى ومع ذلك يكتفي بغيره ، وذكرنا أنّ الإجزاء معناه سقوط الحكم الواقعي بالنسبة إلى هذا الممتثل للحكم الظاهري ، وحينئذ فمعنى الإجزاء الّذي عبّر به الشيخ في المقام هو عبارة عن توسعة الشرطيّة إلى كون الشرط الأعمّ من الطهارة الظاهريّة والواقعيّة ، وهذا هو عبارة اخرى عن الإجزاء الواقعي فلا فرق بين التعبيرين. فلا وجه حينئذ لإشكال الآخوند (١)
__________________
(١) انظر الكفاية : ٤٤٧.