أقول : لا يخفى عليك ما في الفرع الأوّل ، فإنّ قاعدة الفراغ بناء على كونها أمارة كما هو الظاهر المستفاد من قوله : «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشكّ» (١) وقوله : «هو حين يصلّي أقرب إلى الواقع أو الحقّ» (٢) فلا تجري مع الغفلة كلّية قلنا بجريان الاستصحاب التقديري أم لا ، وبطلان الصلاة حينئذ للشكّ الفعلي فيجري استصحاب الحدث ، بل لو لم يجر الاستصحاب الفعلي فرضا أيضا كفى بقاعدة الاشتغال بعد عدم إحراز الفراغ من التكليف المعلوم.
وإن لم نقل بأماريتها وقلنا بأنّها أصل ، فكما تحكم قاعدة الفراغ على الاستصحاب بعد الفراغ كذلك تحكم على الاستصحاب في الأثناء أيضا لو قلنا بجريان الاستصحاب لكفاية الشكّ التقديري في جريانه ، فلا تبتني المسألة على الاكتفاء بالشكّ التقديري وعدمه ، بل حتّى لو قلنا بكفايته أيضا لا يجري لحكومة قاعدة الفراغ عليه ، فإنّ جميع موارد قاعدة الفراغ مسبوقة بالشكّ التقديري ، فلو منعنا عنها لم تجر قاعدة الفراغ إلّا في الموارد النادرة.
(ثمّ إنّه أشكل بعض المحقّقين (٣) في تعليقته على الكفاية في هذا المقام فزعم أنّ جريان الاستصحاب بعد الفراغ عند الشكّ الفعلي لا يترتّب عليه بطلان الصلاة ، لأنّ بطلانها إمّا لاقترانها بالحدث الواقعي ولم يعلم وإمّا لاقترانها بالحدث الظاهري ولم يعلم ، لأنّ الاستصحاب لا يجري حال الصلاة لفرض عدم الشكّ الفعلي ، وبعد الصلاة يجري الاستصحاب إلّا أنّ الصلاة لا تنقلب عمّا وقعت عليه.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٣٢ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.
(٢) الوسائل ٥ : ٣٤٣ ، الباب ٢٧ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣ مع اختلاف يسير.
(٣) لم نعثر عليه.