هو صفة الطريقيّة والوسطيّة في الإثبات ، وحينئذ فلمّا كان قبح العقاب بلا بيان من الأحكام العقليّة الغير القابلة للتخصيص كما هو شأن جميع الأحكام العقليّة ، لأنّ العقل لا يحكم إلّا مع إحراز الملاك لحكمه ، فلا بدّ من أن يكون المجعول بيانيّتها وطريقيّتها إلى الواقع وجعلها يقينا تعبّدا حتّى يرتّب على مخالفتها العقاب ويكون العقاب عقابا ببيان فيكون يقينا بحسب التعبّد الشرعي.
فتكون أفراد اليقين أفرادا وجدانيّة وأفرادا تعبّديّة وتكون الأمارات يقينا بحسب التنزيل الشرعي كما في : «الطواف بالبيت صلاة» وغيره من التنزيلات الشرعيّة ، وإذا ثبت كون هذا يقينا تعبّدا فإذا لا بدّ من ترتيب آثاره نفسه ، فإن كان اليقين موضوعا لحكم من الأحكام ثبت ذلك الحكم له ، لأنّه من أفراده تعبّدا وقد كان اليقين موضوعا لعدم نقضه بالشكّ فتكون الأمارة محرّمة النقض بالشكّ ، كما أنّه إذا كان لمتعلّق اليقين وهو المتيقّن حكم واقعي يثبت ذلك الحكم الواقعي لمتعلّق الأمارة أيضا ، لأنّه متيقّن بحكم الشارع.
وبالجملة ، فبجعل صفة الطريقيّة والمحرزيّة والوسطيّة في الإثبات يكون إلغاء لاحتمال الخلاف الموجود مع قيام الأمارة ، وهو عبارة عن التنزيل الّذي ذكرناه فيترتّب على المنزّل الأحكام الّذي اخذ المنزّل عليه موضوعا لها والأحكام الواقعيّة الّتي اخذ المنزّل عليه طريقا لها.
ودعوى : لزوم اجتماع اللحاظين الآلي والاستقلالي ، واضح الضعف ، لأنّ الجعل إنّما جعله يقينا بحسب التعبّد الشرعي فتترتّب عليه آثار اليقين أيّ شيء كانت تلك الآثار ، فافهم وتأمّل.
(هذا كلّه بناء على حجّية الأمارات من باب الطريقيّة ، أمّا بناء على حجّيتها من باب السببيّة فقد ذكر صاحب الكفاية في تعليقة له عليها جريان الاستصحاب حينئذ لفعليّة الحكم حينئذ (١).
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣١٠ ، في الهامش.