(نعم ، بناء على مذاق صاحب الكفاية قدسسره (١) ـ من أنّ المجعول في استصحاب الحكم هو الحكم المماثل ، وفي استصحاب الموضوع حكم مماثل لحكمه الحادث ـ يشكل جريان استصحاب الكلّي كالرجحان مثلا ، لعدم الإهمال في الواقع ، فالحكم الواقعي إمّا مرخّص في تركه وهو الاستحباب أو غير مرخّص في تركه وهو الوجوب ولا جامع بين الترخيص وعدمه ، وكذا في الموضوع. ولكنّ الظاهر جريانه أيضا ، لأنّ الإهمال مستحيل في الحكم الواقعي ، لأنّ الحكم في الواقع متعيّن بأحد النحوين ، أمّا الحكم الظاهري فلا ، لأنّ المصلحة في جعله لا في المأمور به فالمصلحة في إنشائه وجعله وهو خفيف المئونة فلا مانع من جعل الحكم الظاهري الكلّي إذا كانت المصلحة قائمة به) (٢).
ثمّ إنّ أقسام استصحاب الكلّي أربعة :
الأوّل : أن يكون الشكّ في بقاء الكلّي المتيقّن سابقا من جهة الشكّ في بقاء الفرد وعدمه ، مثلا إذا شكّ في من كان محدثا بالحدث الأكبر في ارتفاع ذلك الحدث الأكبر وعدمه فهناك آثار تترتّب على خصوص بقاء الحدث الأكبر ، مثل حرمة المكث في المساجد فيستصحب الحدث الأكبر بخصوصه ويترتّب عليه أثره ، وهناك آثار لا تختصّ بالحدث الأكبر بل تترتّب على مطلق الحدث مثل حرمة مسّ كتابة المصحف ، فبالنسبة إلى هذا الأثر لا يستصحب خصوص الحدث الأكبر لعدم الخصوصيّة ، بل يستصحب كلّي الحدث وإن كان سبب الشكّ في الكلّي هو الشكّ في ذلك الفرد إلّا أنّه يستصحب نفس شخص الفرد المشكوك فيه للأحكام الخاصّة به ويستصحب الكلّي للحكم الّذي لا يخصّه.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٧٢.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.