وتحقيق الكلام في هذا المقام يستدعي رسم مقدّمة ، هي أنّ القطع قد يتعلّق بأمر بديهيّ لا يحتاج إلّا إلى التفات ، مثل تعلّقه بكون الكلّ أعظم من الجزء مثلا ، ومثل هذا القطع لا يتوقّف على مبادئ غير التفات الملتفت نحوها فقط ، وقد يتعلّق بأمر نظري متوقّف على القطع بالملازمة والقطع بالملزوم ، مثل القطع بحدوث العالم مثلا ، فإنّه موقوف على القطع بالملازمة بين الحدوث والتغيّر ، وعلى [القطع ب](١) الملزوم وهو التغيّر ، فإذا أحرز وقطع بهذين الأمرين ـ وهما الملازمة والملزوم ـ يقطع باللازم وهو حدوث العالم مثلا. وكذا الكلام في بقيّة الأشكال الأربعة ، لرجوعها إلى الشكل الأوّل ، فيترتّب الكلام الّذي ذكرناه من أنّ القطع بالملزوم والملازمة يحصّل القطع باللازم ، وانتفاء القطع بأحدهما يوجب الشكّ باللازم ، وهو واضح بحسب الظاهر.
إذا عرفت ما ذكرناه فالقطّاع :
إمّا أن يراد به من كان كثير الاطّلاع بالملازمات والملزومات ـ نظير الطبيب مثلا من جهة اطّلاعه على حال المريض وملزوماته وملازماته فيقطع بأنّ هذا المريض مثلا يصحو غدا أو يموت بعد ساعة مثلا ، بحيث لو فرض حصول العلم بالملازمة والملزوم لغير ذلك الطبيب من آحاد الناس لقطع باللازم ، لكونه من الامور المتعارف حصولها بعد هذه المقدّمات مثلا ، فمثل هذا القطّاع لا ينبغي أن يطرأ الشكّ في حجّية قطعه ، بل إنّ قطعه حجّة بلا كلام ولا نزاع أصلا.
وإمّا أن يكون المراد بالقطّاع من كان كثير القطع ، بمعنى أنّه يرى بعض الأشياء فيقطع بأنّها ملزومات ، وكذا يقطع بالملازمات فيقطع باللازم بحيث أنّ هذه
__________________
(١) زيادة اقتضاها السياق.