بحياة زيد يوم السبت وشككنا في حياته يوم الأحد وقطعنا بكونه ميّتا يوم الاثنين ، فاستصحاب حياته يوم الأحد يجري لتحقّق اليقين والشكّ ولا نريد اكثر من ذلك ، إلّا أنّ استصحاب حياته يوم الأحد لا يترتّب عليه إلّا آثار الحياة يوم الأحد ولا يترتّب عليه آثار حدوث الوفاة يوم الاثنين ، لأنّه لازم عقلي له.
(نعم ، لو قلنا بأنّ الحدوث هو الوجود فعلا والسبق بالعدم أمكن إثبات الأوّل بالوجدان ، والثاني بالتعبّد فيتمّ الموضوع ، إلّا أنّ الظاهر أنّ الحدوث هو الوجود المسبوق بالعدم موصوفا بهذه الصفة لا مركّب من الأمرين ، فلا يمكن إثباته حينئذ بالاستصحاب) (١) ، فافهم.
وإنّما الكلام في الحادثين اللذين يشكّ في تقدّم أحدهما على الآخر وعدمه ، ولا يخلو الحال فيهما من أن يكونا مجهولي التاريخ أو يكون أحدهما مجهول التاريخ ، وعلى كلا التقديرين إمّا أن يكون الأثر مترتّبا على الوجود أو العدم ، وعلى جميع التقادير إمّا أن يكون الأثر مترتّبا على الوجود أو العدم بنحو مفاد «كان» و «ليس» التامّتين أو بنحو مفاد «كان» و «ليس» الناقصتين ، فهذه صور ثمانية.
وقبل الخوض في أحكامها نتكلّم في أمر كان قد سبق التنبيه عليه وهو أنّ الموضوع للتكليف أو المتعلّق إن كان مركّبا من جزءين لو كان أحدهما ثابتا بالوجدان والثاني ثابتا بالتعبّد يلتئم الموضوع ، فالماء الكرّ إذا شكّ في بقائه على المائيّة أو انقلابه مضافا بممازجة بعض الأجزاء له إذا كانت الكرّية متحقّقة ، فباستصحاب المائيّة يلتئم الموضوع ، وكذلك في المتعلّق فإنّ الصلاة مع الطهارة حاصلة فيما إذا صلّى بطهارة مستصحبة ، فإنّ الصلاة ثابتة بالوجدان والطهارة بالتعبّد. نعم إذا كان الموضوع بسيطا منتزعا من هذين الجزءين المركّبين لا يكفي إثبات الجزء بالتعبّد ، لأنّه حينئذ مثبت.
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.