المركّب للحكم بالنجاسة ولا يحتاج إلى إحراز كون الملاقاة بعد الكرّية ، وأمّا استصحاب عدم الكرّية إلى زمان الملاقاة ، فإن جهل تاريخه جرى وأثبت النجاسة ، وإن علم تاريخه لا يجري.
وقد عرفت جريان الاستصحاب وإن علم تاريخه لما قدّمناه نحن من عدم العبرة بجريانه في عمود الزمان ، وقد ذكر أيضا أنّه مع الجهل بتاريخهما لا بدّ من جريان استصحاب عدم الكرّية إلى زمان الملاقاة والحكم بالنجاسة. (واستصحاب عدم الملاقاة إلى زمن الكرّية لا يجري لعدم الأثر له ، إذ الأثر مترتّب على الكرّية السابقة والأصل لا يثبتها إلّا بنحو الأصل المثبت) (١).
وقد عرفت ممّا ذكرنا أنّ الموضوع مركّب لا بسيط وأنّ الاستصحاب بالنسبة إلى كلّ من الحادثين جار وإن علم تاريخه ، فإن كان لعدم كلّ منهما أثر تعارضا وتساقطا وإلّا فيجري خصوص ما فيه الأثر ويترتّب عليه أثره إذ لا معارض له (*).
بقي الكلام في أنّه بعد فرض تعارض الاستصحابين في خصوص الماء هل يمكن الرجوع إلى أصالة الطهارة أم لا يمكن؟
ذهب الميرزا النائيني قدسسره إلى عدم جواز الرجوع إليها (٢) ومن ثمّ حكم بالنجاسة فيما إذا كان أحد الاستصحابين مثبتا والثاني معلوم التاريخ فلا يجري فيه
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(*) هذا ما ذكره سابقا ، وقد ذكر في دورته اللاحقة سنة (١٣٨٠ ه) أنّ الموضوع للنجاسة مركّب من ملاقاة النجس وكون الماء قليلا ، وهذا الموضوع متحقّق بعضه بالوجدان وهو الملاقاة وبعضه الآخر بالأصل وهو القلّة ولا يعارضه أصالة عدم الملاقاة حال القلّة ، لأنّ موضوع الطهارة هو عدم ملاقاة النجس الماء القليل ، وهذا الأصل وهو عدم الملاقاة حال القلّة لا يثبت موضوع الطهارة إلّا بالأصل المثبت إذ ليس هو موضوع الأثر ، وحينئذ فيحكم بالنجاسة في الفرض المذكور.
(٢) انظر أجود التقريرات ٤ : ١٦٢ ـ ١٦٣.