الاستصحاب ، وقد احتجّ بأنّ تعليق الحكم الترخيصي المستثنى من حكم إلزامي على أمر وجودي لا يفهم العرف منه دورانه مدار واقع الأمر الترخيصي ، بل يرونه دائرا مدار إحرازه ، ونظّر لذلك نظائر ، منها : ما إذا قال المولى لعبده : لا تدع أحدا يدخل داري إلّا أصدقائي ، فلو شكّ في كون زيد صديقا لمولاه أم لا لا يدخله اعتمادا على أصالة البراءة ، بل يفهم العرف ونفس العبد أنّ ما يحرز كونه صديقا هو المأذون في إدخاله. وكذا إذا قال : لا تعط مالي إلّا لفقير ، فلو شكّ في شخص أنّه فقير أم لا لا يعطي اعتمادا على البراءة بل يفهم اعتبار الإحراز في ترتيب الحكم الترخيصي ، فلا يحكم في المقام بقاعدة الطهارة ، لأنّها موقوفة على إحراز الأمر الوجودي وهو الكرّية بل يحكم بالنجاسة.
ولا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره غير تامّ ، فإنّ الحكم إنّما يثبت لموضوعه الواقعي فإنّه إذا فرض أنّ الشارع حكم بأنّ الكرّ لا ينفعل بالملاقاة والقليل ينفعل بها فالكرّ الواقعي لا ينفعل والقليل الواقعي ينفعل ولا مدخليّة للإحراز فيهما بشيء.
وأمّا ما ذكره من الأمثلة فعدم ادخال غير الصديق المعلوم صداقته أو عدم إعطاء غير معلوم الفقر إنّما هو لوجود أصل موضوعي ينفي الصداقة وهي أصالة عدمها ، فإنّ الصداقة أمر حادث ، وكذا أصالة عدم كونه فقيرا تجري خصوصا بناء على الاستصحاب في الأعدام الأزليّة كما بنينا عليه.
ولو فرض عدم جريان الأصل الموضوعي أيضا ، عندنا أصل حكمي وهو أصالة حرمة التصرّف في مال الغير بغير إذنه ، ولا يمكن إحراز جواز التصرّف إلّا بعد إحراز المدخل والمعطي وأنّهما ممّا رخّص في إدخالها وإعطائها ، وإلّا فأصالة حرمة التصرّف في مال الغير محكّمة في إعطاء من لم يعلم كونه صديقا أو فقيرا ، هذا كلّه في الموضوعات المركّبة.
وأمّا الموضوعات البسيطة الّتي نعلم بتحقّقها في الخارج وتحقّق ضدّها أيضا ولكنّا نشكّ في أنّ أيّهما المتقدّم وأيّهما المتأخّر ، ليكون الزمان بعده حينئذ