فمن تلك الفروع ما دلّت عليه رواية السكوني في الودعي الّذي اودع عنده درهمان لزيد ودرهم لعمرو ، فتلف أحد الدراهم الثلاثة من غير تفريط من أنّ لزيد درهما ونصفا ولعمرو نصف درهم (١). فهنا نعلم إجمالا بأنّ أحد هذين قد أخذ ما ليس له ، لأنّ الدرهم التالف إن كان من زيد فليس له أن يأخذ نصف درهم عمرو ، وإن كان التالف من عمرو فليس له أن يأخذ نصف درهم زيد ، فلو انتقل هذان النصفان إلى شخص ثالث واشترى بهما جارية فهو يقطع بأنّ بعض هذه الجارية ليس له ، لأنّه يعلم بأنّ أحد النصفين قد انتقل إليه من غير مالكه ، ومع ذلك يجوّزون له وطأها وبقيّة الاستمتاعات من النظر واللمس وغيرها ، فما ذلك إلّا لأنّ هذا القطع التفصيلي قد نهى عن اتّباعه ، بمعنى أنّ الشارع قد جوّز العمل على غير القطع ولم يعتن به أصلا.
وقد اجيب بأنّ الشركة من الأسباب المملّكة فإنّ من كان عنده مقدار من الحنطة فاختلط بمقدار من الحنطة لغيره فقد حكم الشارع حينئذ باشتراكهما في المال المختلط وإن كان واقعا متميّزا ، ففي المقام لمّا اختلط الدرهم بالدرهمين حصلت الإشاعة فصار المال مشتركا واقعا ، فلذا يقسّم هكذا فهما مالكان حقيقة ، هذا لنصف وذاك لدرهم ونصف.
ولا يخفى عليك أنّ هذا ـ (مع عدم انطباقه على ما نحن فيه فإنّ الشركة إنّما تكون إذا كان الاختلاط مقتضيا للمزج بنحو لا يتميّز عرفا لا ما كان من قبيل اشتباه المال مع انفصاله) (٢) ـ يقضي بالتقسيم أثلاثا ؛ فلصاحب الدرهمين ثلثاهما ، ولصاحب الدرهم ثلثهما ولا يقضي بالتنصيف كما هو صريح خبر السكوني.
فالأولى في الجواب أن يقال : إنّ المورد من موارد الصلح القهري ، فإنّ الشارع
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ١٧١ ، الباب ١٢ من كتاب الصلح ، الحديث الأوّل.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.