وثالثا : أنّ ترك الاستدلال بدليل الاستصحاب والاستدلال بالدليل العقلي لا داعي له بعد وفائه كما هو الفرض.
وبالجملة ، فاعتبار اتّحاد القضيّة المتيقّنة مع المشكوكة موضوعا ومحمولا ونسبة ممّا لا ريب فيه ، وتعبير بعضهم بالموضوع مسامحة ، لأنّه أعظم أركان القضيّة أو لأنّه مشعر بالمحمول والنسبة ، بأن يراد الموضوع بما أنّه موضوع وهو ملازم للمحمول والنسبة حينئذ ، أو يكون المراد بالموضوع موضوع دليل الاستصحاب وهو نقض اليقين بالشكّ.
وتوضيح ما ذكرنا من اعتبار اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة أنّ المحمول في القضيّة المتيقّنة تارة يكون من المحمولات الأوّليّة كالوجود ، واخرى من المحمولات الثانويّة كالقيام ، فإن كان من قبيل الأوّل وهو مفاد «كان» التامّة كما إذا كان زيد موجودا وشككت في أنّه مات أم لا ، فاستصحاب الوجود لا مانع منه.
ودعوى : أنّ الموضوع هو وجود زيد فلا بدّ من تحقّقه في جريان الاستصحاب ، واضحة الضعف ، فإنّ الوجود مع فرض تحقّقه ثانيا فلا شكّ حينئذ حتّى يستصحب.
وإن كان المحمول مفاد «كان» الناقصة المعبّر عنه بالمحمولات الثانويّة.
فتارة يكون الشكّ في بقاء القيام مستندا إلى الشكّ في بقاء الوجود بحيث لو أحرزنا وجوده نقطع بقيامه ، واخرى لا يكون الشكّ مستندا إلى ذلك ، بل على تقدير الوجود أيضا يقع الشكّ في قيامه مثلا.
فإن كان من القسم الأوّل فقد يقال بعدم جريان الاستصحاب ، لأنّ نفس القيام لا شكّ فيه ، بل إنّما الشكّ في الوجود ، فإن لم يجر فيه الاستصحاب فلا يجري في القيام أيضا لعدم أركانه ، وإن جرى في الوجود عاد إلى الأوّل ، مضافا إلى أنّه لا يثبت القيام ، لأنّه ليس من الآثار الشرعيّة للوجود ، بل هو أمر اتّفاقي