فيكون مثبتا وهو باطل ، فإنّ اتّصاف زيد بالعدالة كان متيقّنا وهو الآن مشكوك ، وإن كان منشأ الشكّ فيه الشكّ في وجوده فإنّه لم يشترط في أدلّة الاستصحاب كون الشكّ فيه أصليّا ، بل هو أعمّ من الشكّ الأصلي والتبعي فيجري استصحاب عدالة زيد ، وإن كان منشأ الشكّ فيها أنّه شرب السمّ فمات أم لا.
وإن كان من القسم الثاني وهو ما لم يكن الشكّ فيه مستندا إلى الشكّ في الوجود (فهو على قسمين ، لأنّه قد يتحقّق حينئذ شكّ في الوجود أيضا ، وقد لا يتحقّق شكّ في الوجود ، فالأوّل يسري فيه الإشكال السابق في القسم الأوّل ، وجوابه مع إمكان إجراء الاستصحاب بالإضافة إلى الوصف أيضا ، لأنّ مدخليّة الوصف بالحكم تؤول بحسب التحليل إلى كون الموضوع مركّبا من الذات والوصف فيجري الاستصحاب فيهما مع الشكّ فيهما وفي أحدهما إن كان الثاني محرزا بالوجدان كسائر الموضوعات المركّبة. وأمّا الثاني) (١) فيجري فيه الاستصحاب أيضا والوجه فيه هو ما قدّمنا ذكره سابقا من أنّ أجزاء الموضوع إذا كانت متيقّنة سابقا ثمّ شكّ في بقائها لا مانع من استصحابها ، نظير ما تقدّم في الماء الكرّ المعلوم أحد أجزائه بالوجدان المحتاج في إحراز الجزء الثاني منه إلى الأصل فيجري فيه الاستصحاب ويلتئم الموضوع ، هذا كلّه في استصحاب الموضوع.
وأمّا الحكم فاستصحابه جائز في بعض الصور وغير جائز في بعضها ، وذلك أنّه تارة يلحظ الحكم بلحاظ المحمولات الأوّليّة يعني يكون الشكّ في وجوده في الآن الثاني بعد اليقين بوجوده في الآن الأوّل ، كما إذا شككنا في أنّ الحكم الفلاني هل نسخ أم لا؟ ولا إشكال في جريان الاستصحاب (*).
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات الدورة الثانية.
(*) لا يخفى أنّ جريان استصحاب عدم النسخ حينئذ غير جائز حتّى لو قلنا بجريان الاستصحاب في الأحكام ، لأنّ النسخ لمّا كان انتهاء أمد الحكم فالشكّ فيه يكون في