يفهم من لسان الدليل فليس شيئا غير لسان الدليل حتّى يجعل قبالته في الترديد ، وإن اريد باتّباع نظره اتّباعه في المداليل التصوّرية باعتبار مسامحاته العرفيّة في أسماء المقادير والأوزان ، فمعلوم أنّ نظره لا يتبع في المداليل التصوّرية إذا كانت مصحوبة بالقرينة على خلافها ، ولا يتبع في المسامحات أيضا ، لأنّه لا عبرة بمسامحاته فيتعيّن أن يكون الاعتبار بلسان الدليل.
ولا يخفى أنّ منشأ هذا الإشكال هو عدم التفرقة بين موضوع الدليل بحسب حدوث الحكم وموضوعه بحسب بقاء الحكم ، فإنّ الموضوع الّذي ذكره هذا المورد متين في موضوع الحكم حال ثبوت الحكم له ، مثلا : إذا قال المولى : الكلب نجس ، فهذا الموضوع الاعتبار فيه بلسان الدليل ، وليس للعقل ولا للعرف بالمعنى الثاني مساس فيه أصلا ، لكنّ محلّ كلامنا هو موضوع الحكم بالبقاء بعد ثبوت الحكم حدوثا لموضوع اخذ في لسان الدليل ، فالمناط حينئذ أن ينظر إلى ذلك الدليل الّذي أثبت الحكم حدوثا هل فيه إطلاق يشمله بقاء؟ وحينئذ لا حاجة للاستصحاب لوجود الدليل اللفظي وإن لم يكن فيه إطلاق.
فيقع الكلام في أنّ الحكم إذا ثبت في الآن الثاني فهل يعتبر بقاء للحكم السابق أم لا؟ فقد يقطع المرء بكونه بقاء له وقد يقطع بكونه حكما حادثا آخر وقد يشكّ ، فكلامنا أنّه في مقام الشكّ يعتبر نظر العقل في عدّ الحكم الثابت بقاء للحكم السابق أو العرف أو المتّبع لسان الدليل. والفرق بين هذه الأشياء الثلاثة أنّه إن جعلنا المعيار نظر العقل فلازمه عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ، إذ لا يشكّ في الحكم البقائي إلّا إذا تغيّر الموضوع تغيّرا ما ، وإلّا فلو لم يتغيّر الموضوع لم يشكّ في بقاء الحكم من ناحية الدليل الدالّ على الحكم لا من ناحية الاستصحاب ، وكذا لا يجري في كثير من الشبهات الموضوعيّة الّتي يكون منشأ الشكّ فيها عروض تغيير ما في الموضوع كما في مسألة الكرّية واستصحابها. نعم يجري الاستصحاب في مثل حياة زيد وغيرها ممّا لا تغيير فيها عمّا كان متيقّنا سابقا إلّا من ناحية الزمان الّذي