بالنجاسة ، فإنّ النجاسة من الامور الّتي إذا حدثت استمرّت في عمود الزمان لا ترتفع إلّا برافع شرعي ، فالشكّ في ارتفاعها يوجب جريان الاستصحاب إلّا أنّه إذا ذهب التغيّر مثلا منه بناء على كون الموضوع معتبرا في الشبهة الحكميّة متّحدا بنظر العقل يقتضي أن لا يجري فيه الاستصحاب ، وبهذا يظهر أيضا حينئذ اندفاع الإيراد الثاني الّذي ذكره الآخوند قدسسره من عدم اللازم الباطل ، إذ يكون اعتبار كون الاتّحاد في الموضوع بنظر العقل مخرجا لكثير من موارد الشكّ في الرافع بالمعنى الأوّل عن حجّية الاستصحاب وهو لازم باطل بنظر الشيخ.
أقول : لا يخفى أنّ ما ذكره الميرزا قدسسره غير نافع في توجيه كلام الشيخ الأنصاري ، لأنّه لو صرّح بكون المراد من الشكّ في الرافع مقابل الشكّ في المانع لم يكن مجديا أيضا ، لأنّ التفرقة بين المانع والرافع إنّما هي بأنّ المانع ما اعتبر عدمه في وجود الشيء والرافع ما يعدمه بعد وجوده ، وهذا إنّما يتصوّر في الامور الخارجيّة مثل الماء وغيرها من الجواهر. وأمّا في الأحكام فليس المقام مقام تأثير وتأثّر حتّى يتصوّر المانع والرافع وهو المعدم بعد الوجود ، إذ لا يصير الشيء رافعا إلّا إذا اعتبر عدمه في الشيء شرعا ، مثلا لا يكون الحدث رافعا للوضوء حتّى يعتبر الشارع عدمه فيه. وحينئذ فقد اتّحد المانع والرافع في الأحكام ، لأنّهما مأخوذ عدمهما في الموضوع.
وحينئذ فاعتبار كون الموضوع للحكم في الشبهة الحكميّة متّحدا عقلا بمعنى كون العبرة باتّحاده عقلا يوجب عدم الجريان في الشبهة الحكميّة وكثير من الشبهة الموضوعيّة ، مثل الماء الّذي كان كرّا إذا اخذ منه شيء قليل جدّا بحيث يكون الموضوع عقلا متغيّرا وعرفا متّحدا ، فيقع الكلام في الشبهة الحكميّة في أنّ العبرة بنظر العرف أو يتبع لسان الدليل؟
فنقول : وقبل الخوض في ذلك لا بأس بذكر إيراد وملخّصه : أنّه أيّ معنى للترديد في كون العبرة باتّحاد الموضوع هو العقل أو العرف أو لسان الدليل ، إذ أنّ العقل ليس مشرّعا حتّى يتّبع نظره في ذلك ، والعرف إن اريد باتّباع نظره اتّباعه فيما