وأورد عليه الآخوند قدسسره (١) أوّلا بأنّ الموضوع في الشبهة الحكميّة لو كان عقليّا لما جرى الاستصحاب في الشبهة الحكميّة مطلقا ، سواء كان الشكّ في المقتضي أو كان شكّا في الرافع ، لأنّ الشكّ في الحكم لا يكون إلّا بتغيّر ما في موضوعه وإلّا فما معنى الشكّ في الحكم مع بقاء الموضوع من غير تغيير فيه ولا تبديل؟ ضرورة استحالة البداء في حقّه تعالى ، وحينئذ فمع حدوث ذلك التغيّر في الموضوع بحدوث ما يحتمل مانعيته أو فقدان ما يحتمل شرطيّته كيف يجري الاستصحاب مع فرض اعتبار اتّحاد القضيّة عقلا؟
وثانيا : بأنّ حجّية الاستصحاب عند الشيخ مختصّة بالشكّ في الرافع ولا يرى حجّية الاستصحاب في الشكّ في المقتضي (٢) فليس عدم جريانه في الشكّ في المقتضي محذورا وتاليا فاسدا.
وقد ذكر الميرزا النائيني قدسسره انتصارا للشيخ الأنصاري ما ملخّصه (٣) أنّ الرافع قد يطلق في قبال المقتضي ويراد من المقتضي في الحكم كون الحكم لو خلّي ونفسه لبقي ولم يكن له رافع ، ويكون المراد من الرافع في الشكّ في الرافع هو عبارة عن كون الحكم لو خلّي ونفسه لم يبق ، بل لو فرض عدم تغيير في الدنيا أصلا إلّا أنّ الحكم مغيّا بغاية ، عند انتهاء تلك الغاية ينتهي. وقد يطلق الرافع في قبال المانع ويكون المراد من الرافع هو الشيء العادم للشيء بعد تحقّق وجوده نظير النار المعدم للماء مثلا ، ويكون المراد من المانع هو الّذي اعتبر عدمه في وجود ذلك الشيء.
وقد زعم الميرزا قدسسره أنّ المراد للشيخ الأنصاري من الرافع في المقام هو الرافع بالمعنى الثاني وهو قد يجتمع مع الشكّ في المقتضي ، وذلك مثل الماء المتغيّر المحكوم
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٤٨٧.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٥٣ ـ ٥٤.
(٣) أجود التقريرات ٤ : ٢٣ ـ ٢٩.