إنّ بعض الروايات اعتبرت الدخول في (١) الغير بصريح لفظها وبعضها (٢) لم تعتبره فيدور الأمر بين القول بأنّ العبرة بالأخبار المطلقة الغير المقيّدة بالدخول في الغير ويكون التقييد في بقيّة الأخبار منزّلا على الغالب من كون الفراغ من شيء مستلزما غالبا للدخول في الغير فيكون ذكر القيد غير موجب للتقييد لكونه منزّلا على الغالب فهو نظير التقييد في قوله : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ)(٣) فلا يكون مقيّدا أصلا وبين أن نقول بالتقييد ونرفع اليد عن الإطلاق (*).
__________________
(١) كصحيحة إسماعيل بن جابر راجع الوسائل ٤ : ٩٣٦ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٣ ، وصحيحة زرارة ، راجع الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث الأوّل.
(٢) كموثّقة محمّد بن مسلم ، راجع الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.
(٣) النساء : ٢٣.
(*) وربّما يقال : إنّ موثّقة ابن أبي يعفور واردة في مورد قاعدة الفراغ وقد اعتبرت الدخول في غير الوضوء في إلغاء الشكّ في الصحّة ، إلّا أنّه لا يخفى أنّها لا تصلح لتقييد المطلقات أوّلا : لإجمالها في مرجع الضمير ، وثانيا : أنّها إنّما اعتبرت الدخول في الغير لتحقّق عنوان التجاوز بقرينة ذيلها المعلّق للحكم على عنوان التجاوز ، وثالثا : أنّ الغير لمّا كان مطلقا كان ملازما للفراغ فإنّ السكوت بعد الوضوء من أفراده ، ورابعا : أنّها خاصّة في خصوص الوضوء فيبقى غيره على مقتضى الإطلاق ، كما أنّ ما في صحيح زرارة من قوله : «فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال اخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمّى الله ممّا أوجب الله عليك فيه وضوءه لا شيء عليك فيه ... الخبر» ـ الوسائل ١ : ٣٣٠ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث الأوّل ـ لا يصلح للتقييد ، لأنّ المفهوم منه إرادة بيان ما قابل الشكّ حال الوضوء المذكور في الحديث فكلّها كناية عن الفراغ ليس إلّا. (من إضافات الدورة الثانية).