فيقع الكلام في الترجيح وقد رجّح بعضهم (١) اعتبار الدخول في الغير لعدم إحراز الإطلاق في المطلقات ، لا لحملها على المقيّد لعدم التنافي بينهما حتّى يحمل أحدهما على الآخر ، لإمكان كون ذكر المقيّد بما أنّه فرد للمطلق ، ولا مفهوم له أيضا حتّى يحمل على المقيّد ، وإنّما اعتبروا الدخول في الغير لعدم قابليّة للمطلق بحسب زعمهم ووجه عدم قابليّة ، للإطلاق وجوه :
الأوّل : ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره وملخّصه : أنّ الماهية الّتي تكون بالنسبة إلى أفرادها من قبيل المشكّك لا يكون فيها إطلاق حتّى يتمسّك به كما قدّمنا ذلك في مثل حيوان فهو لا إطلاق له بحيث يشمل الإنسان كما تقدّم ، فالميرزا يزعم أنّ مقامنا من هذا القبيل بدعوى أنّ صورة الشكّ بعد الدخول في الغير أظهر دخولا تحت المضيّ المأخوذ في الروايات من صورة الشكّ قبل الدخول في الغير ، وحينئذ فلا إطلاق حتّى يتمسّك به.
والجواب : أنّ التشكيك له صورتان :
إحداهما : أن يكون دخول بعض الأفراد تحت الطبيعة أظهر من دخول البعض الآخر بعد اشتراكها في الظهور وإنّما الاختلاف في مراتبه.
الثانية : أن يكون الأفراد بعضها ظاهرة الدخول وبعضها خفيّة الدخول تحت الطبيعة فلا ظهور لها ، وما لا يمكن التمسّك فيه بالإطلاق هو الثاني ، ومقامنا من قبيل الأوّل وهو ممّا يمكن التمسّك فيه بالإطلاق ، ضرورة أنّ الدخول في الغير أظهر في صدق المضيّ من مجرّد الفراغ ، مع صدق المضيّ وظهوره في الجميع ، فهي مشتركة في الظهور وإن اختلفت في مراتبه ، وإلّا فلو كان مجرّد الأظهريّة مانعا لكان المضيّ وخروج الوقت أظهر من المضيّ قبل خروجه.
__________________
(١) انظر الفرائد ٣ : ٣٣٤.