الثاني : من وجوه عدم الإطلاق وجود القدر المتيقّن وهو مانع عن التمسّك بالإطلاق. وهذا الوجه ذكره الآخوند قدسسره (١).
ولا يخفى ما فيه ، أمّا أوّلا : فوجود القدر المتيقّن غير مانع عن التمسّك بالإطلاق.
وأمّا ثانيا : فلأنّ هذا القدر المتيقن ليس في مقام التخاطب ، وإنّما هو قدر متيقّن في الحكم.
وأمّا ثالثا : فلأنّ عندنا عموما به يتمسّك ، ومع العموم المستفاد عمومه من الوضع وهو مدخول «كلّ» فلو لم يكن إطلاق فالعموم يكفي ، ولا حاجة في إثبات العموم إلى إجراء مقدّمات الحكمة في المدخول أصلا.
فتلخّص أنّ الإطلاق لا رافع له أصلا فنكتفي بمطلق الفراغ في الشكّ في الصحّة ، نعم لا بدّ من تغاير الحالتين حالة الشكّ وحالة الاشتغال بالمشكوك وبه يتحقّق معنى الفراغ.
بقي الكلام في أنّه حيث يعتبر الدخول في الغير كما إذا كان الشكّ في الوجود ، هل يعتبر الدخول في غير خاصّ من كونه مترتّبا على المشكوك فيه أم لا يعتبر كونه مترتّبا بل يكتفى بمطلق الغير؟
فنقول : مقتضى إطلاق الروايات من قوله : «إذا شككت في شيء ودخلت في غيره» الاكتفاء بمطلق الدخول في الغير ، سواء كان ذلك الغير مترتّبا على المشكوك فيه أم لم يكن مترتّبا بل كان أمرا اتّفاقيّا ، ويؤيّد ما ذكرنا الرواية المتقدّمة الذكر وهي موثّقة ابن أبي يعفور وهي قوله : «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه» (٢). فإنّها ظاهرة في اتّحاد المراد من صدر الرواية وعجزها وهو أن يكون الدخول في الغير ممّا يحقّق عنوان التجاوز ليس إلّا.
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٢٨٧ ـ ٢٨٩.
(٢) الوسائل ١ : ٣٣١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.