فلا يقتضي سقوط الالتزاميّة لعدم المعارض فيها فلا يجوز أن يرجع إلى الإباحة فيها لنفيهما من كلا الدليلين بالملازمة ، فافهم.
والجواب عن الأوّل : أنّ أحدهما لا على التعيين ليس غير هذين الخبرين وليس خبرا ثالثا مثلا ، والمفروض عدم شمول دليل التعبّد لأحدهما ، لأنّه ترجيح من غير مرجّح ، وليس لأحدهما لا بعينه وجود غيرهما حتّى يشمله دليل التعبّد ليكون حجّة.
وعن الثاني : أنّ ما ذكره يتمّ على تقدير عدم ارتفاع الدلالة الالتزاميّة بارتفاع الدلالة المطابقيّة ، وليس بصحيح فإنّ الدلالة الالتزاميّة تابعة في الثبوت والسقوط للدلالة المطابقيّة.
توضيح ذلك : أنّه لو قامت البيّنة على أنّ هذا الثوب أصابه بول وعلمنا باشتباه البيّنة وأنّه لم يصبه بول فهل يمكن أن يلتزم أحد بنجاسته لأنّ إخبارها بإصابة البول قد تضمّنت إصابة البول بالمطابقة والنجاسة بالالتزام ، فإذا علمنا كذب الاولى تثبت الثانية لعدم العلم بكذبها؟ كلّا ثمّ كلّا ، وأيضا لو كان مال في يد زيد فادّعاه عمرو وبكر وأقام عمرو شاهدا عادلا بكون المال له وأقام بكر أيضا شاهدا عادلا بكون المال له فهل ننتزع المال من يد زيد لقيام البيّنة العادلة بأنّ المال ليس له؟ اللهمّ إنّ هذا لا يلتزم به فقيه أصلا.
وحلّ ذلك أنّ كلّ واحد من الشاهدين إنّما ينفي كون المال لزيد ، لأنّه لعمرو مثلا أو لبكر ، فالأوّل ينفي ملكيّة زيد الملازمة لملكيّة عمرو ، والثاني ينفي ملكيّة زيد الملازمة لملكيّة بكر ، فإذا انتفى الملزوم انتفى اللازم أيضا ، مثلا من أخبر بطلوع الشمس فقد أخبر بالضوء التزاما لكنّه الضوء المستند إلى الشمس لا كلّي الضوء ، فلو علم كذبه بإخباره بطلوع الشمس فقد ظهر كذبه [في إخباره] بالضوء [المستند] إليها (١) أيضا ، وكذلك من أخبر بإصابة البول الثوب إنّما يخبر بإصابة
__________________
(١) في الأصل : ظهر كذبه بالضوء إليها.