مقدّمات الحكمة ، ولكنّ الإطلاق الشمولي متوقّف على مقدّمات الحكمة ومن جملتها عدم البيان ، والعامّ يصلح أن يكون بيانا له ، فلو ورد : أكرم كلّ عالم ، ثمّ ورد : لا تكرم الفاسق ، فدلالة : أكرم كلّ عالم ، على شمول جميع الأفراد بالوضع ، ولكن دلالة : لا تكرم الفاسق. إنّما هو بعد إجراء مقدّمات الحكمة الّتي من جملتها عدم البيان ، والعامّ الشمولي يصلح بيانا حسب الفرض.
وقد أشكل عليه الآخوند (١) بأنّ الأخذ بالإطلاق الشمولي متوقّف على عدم البيان المتّصل بالكلام ، وهذا متحقّق.
ولا يخفى أنّ الظهور وإن كان موقوفا على انتفاء القرينة المتّصلة إلّا أنّ الإرادة الجدّية لهذا الظهور موقوفة على عدم القرينة مطلقا والمفروض وجود القرينة ، فلا وجه لإيراد الآخوند عليه في ذلك. والسرّ في ذلك أنّ دلالة العامّ على العموم في كلّ آن موقوفة على عدم البيان ، فترتفع بوجوده بقاء.
لا يقال : إنّ نظر الآخوند قدسسره إلى أنّ العموم وإن كان وضعيّا مثل لفظ «كلّ» مثلا إلّا أنّ عموم مدخولها يحتاج إلى جريان مقدّمات الحكمة في المدخول فيستويان في التعليق فلا يتقدّم العموم حينئذ على الإطلاق.
لأنّا نقول : الآخوند وإن اختار ذلك في مبحث العموم والخصوص (٢) إلّا أنّه هنا لم يبن كلامه عليه ، على أنّا ذكرنا أنّ هذا المبنى فاسد فإنّ «كلّ» هي بيان لعدم اعتبار قيد في المدخول ، وهي بمنزلة التصريح في التسوية بين ذي الخصوصيّات والخالي منها ، فكلام الأنصاري هو الوجيه.
ثمّ إنّه لو تعارض إطلاق شمولي مثل : لا تكرم فاسقا ، فإنّه نكرة في سياق النفي فيفيد الشمول وإطلاق بدلي مثل : أكرم عالما ، فهل يتقدّم الشمولي على البدلي
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٥١٣ ، ودرر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ٤٦٢.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٢٥٥ و ٢٩٢.