وقد لا يقطع بصدور أحدهما ، وحينئذ (فربّما يقال : إنّ الجمع مهما أمكن أولى من الطرح فيحمل أحد الخبرين على فرد ويحمل الآخر على فرد آخر ، مع أنّ هذه القاعدة ليس فيها إلّا تنسيق الألفاظ ، ضرورة أنّ هذا الجمع هو الجمع التبرّعي الّذي لا شاهد عليه ، مع أنّه ليس جمعا بينهما بل طرح لهما لطرح إطلاقهما ، فهو في الحقيقة داخل تحت (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(١).
وبعبارة اخرى أنّا نعلم أنّ هذين الظهورين ليسا مرادين جزما إلّا أنّ إرادة هذا الجمع المذكور بهذا التأويل أيضا غير معلوم) (٢). فهل يرجع إلى المرجّحات لزوما من الامور المذكورة في الأخبار من كونه مخالفا للعامّة أو أعدل أو أوثق ، فإن فقدت فالتخيير ، أو يكون الحكم بالتخيير أوّلا والترجيح بالمرجّحات استحبابي؟ اختار الثاني صاحب الكفاية قدسسره (٣) لإطلاق جملة من الأخبار بالتخيير رأسا وهي ثلاث روايات (٤) وكون روايات الترجيح مختلفة في تقديم بعض المرجّحات في بعضها وتقديم الآخر في بعض وغير ذلك من أمارات الاستحباب.
وقد ذكر الآخوند أنّ الأخبار على أربعة طوائف : وهي أخبار التوقّف والاحتياط والتخيير والترجيح ، فأمّا أخبار التوقّف فإن أراد أخبار : «قف عند الشبهة فإنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» (٥). بدعوى أنّ مورد تعارض الخبرين من موارد الشبهة أيضا ، ففيه أنّ أخبار التخيير حاكمة ورافعة للشبهة على تقديرها ، وإن أراد قوله في ذيل بعض الأخبار : «فأرجه حتّى تلقى
__________________
(١) يونس : ٥٩.
(٢) ما بين القوسين من إضافات الدورة الثانية.
(٣) كفاية الاصول : ٥٠٢.
(٤) الوسائل ١٨ : ٨٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٩ ، ٤٠ ، ٤١ و ٤٤.
(٥) الوسائل ١٨ : ٨٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٥.