والمقبولة إن قلنا بأنّ استناد المشهور إليها وقبولهم لها يوجب وثاقتها فذاك ، وإلّا فمجهوليّة عمر بن حنظلة فيها مانع عن الاعتماد عليها وإن ورد «أنّ عمر بن حنظلة لا يكذب علينا» (١) في بعض الأخبار إلّا أنّ ضعف سندها مانع عن التعويل عليها ، إلّا أنّ الّذي يهوّن الخطب أنّ مضمون هذه المقبولة من الترجيح بالشهرة موجود في غيرها ممّا هو صحيح.
وبالجملة ، فالترجيح أوّلا بالشهرة (*) بحيث يكون المشهور لا ريب فيه عرفا بالإضافة إلى مقابله ، ومع فرض تساويهما فيها يصار إلى موافق الكتاب المخالف للعامّة ، فمتى وجدنا أحد الحديثين المشهورين موافقا للكتاب ومخالفا للعامّة معا عملنا به وطرحنا الآخر الفاقد لهذين الوصفين. أمّا لو كان كلّ منهما موافقا للكتاب ولكن أحدهما موافق للعامّة والآخر مخالف فقد ذكر في صريح المقبولة ترجيح المخالف للعامّة ، لأنّ الرشد في خلافهم ، كما أنّ صحيحة الراوندي أيضا تدلّ على ذلك (٢) ومنها يعلم أنّ كلّا من موافقة الكتاب ومخالفة العامّة مرجّح مستقلّ وإن لم يجتمع مع الآخر ، فلو كانا معا موافقين للعامّة ولكنّ أحدهما موافق للكتاب والآخر لم يستفد حكمه من الكتاب يقدّم ما وافق الكتاب.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٩٧ ، الباب ٥ من أبواب المواقيت ، الحديث ٦.
(*) قد ذكر الاستاذ في دورته الثانية أنّ الشهرة ليست من المرجّحات كلّية ، لأنّ المقبولة قد ذكرت «المجمع عليه» وإن عقّبته بمثل : «ودع الشاذّ الّذي ليس بمشهور» فإنّ الظاهر أنّ المراد بالمشهور الواضح صدوره عن الأئمّة عليهمالسلام لا المشهور بالمعنى المصطلح ، ومن هنا عقّبه بتقسيم الامور إلى بيّن الرشد وبيّن الغيّ والشبهات. فمن هنا يعلم أنّ المراد بالمجمع عليه المعلوم الصدور عن المعصوم فيكون ذكره لتمييز الحجّة عن اللاحجّة ، لأنّ المعارض لمّا علم صدوره عن المعصوم يطرح لكونه مخالفا للسنّة ، فليست الشهرة بهذا المعنى من المرجّحات ، لأنّ المخالف لها ليس بحجّة.
(٢) الوسائل ١٨ : ٨٤ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩.