ولو كان إحدى الروايتين موافقة للكتاب وللعامّة والاخرى غير موجود حكمها في الكتاب ولكنّها مخالفة للعامّة فما الحيلة حينئذ؟
فنقول : إنّ حكم هذه الصورة غير موجود في أخبار الترجيح فلا مقيّد حينئذ لأخبار التخيير فيحكم بالتخيير بين الروايتين حينئذ.
ولكن في رسالة القطب الراوندي على ما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره (١) رواية صحيحة ظاهرة في أنّ موافقة الكتاب مرجّح متقدّم على مخالفة العامّة ، وأنّه مع موافقة أحدهما للكتاب لا أثر لموافقة العامّة ومخالفتها ، وإنّما تكون معيارا للترجيح حيث لا يوجد حكم كلا الخبرين في الكتاب ولسان الرواية «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فذروه ، فإن لم تجدوه في كتاب الله فأعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه» (٢) فيتقدّم موافق الكتاب على غيره ، ثمّ مع فقد حكمه في الكتاب يرجّح مخالف أخبار العامّة ، فتأمّل.
فتلخّص أنّ المرجّح الأوّل للرواية كونها مشهورة بحيث لا ريب فيها عرفا ، وهي المعبّر عنها بالمستفيضة باصطلاحنا ، ومع كونهما معا كذلك يؤخذ بموافق الكتاب ومع عدم الموافق يؤخذ بمخالف العامّة.
ثمّ إنّ بناء على الاقتصار على المرجّحات المنصوصة فقط ذكر بعض العلماء (٣) الترجيح بالرواية المتأخّرة على المتقدّمة زمانا ، استنادا إلى جملة من الروايات الّتي ذكرها الشيخ في فرائده (٤).
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٦٣.
(٢) الوسائل ١٨ : ٨٤ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩.
(٣) لم نقف عليه.
(٤) فرائد الاصول ٤ : ٦٦ ، العاشر والحادي عشر.