متميّزا للقاصد ، ولا ريب في عدم اعتباره ، أمّا على ما اخترناه ـ من إمكان أن يأخذه الشارع جزء أو شرطا ـ فلإطلاق الأدلّة لو كان وإلّا فلجريان البراءة ، وأمّا بناء على كونه جزء عقليّا لا شرعيّا لعدم إمكان كونه شرعيّا فلأجل أنّه من الأمور الّتي يغفل عنها العامّة ولا بدّ من التنبيه عليها من قبل الشارع ، فعدم التنبيه كاشف عن عدم اعتبارها شرعا وحينئذ فلا ريب في صحّة الاحتياط حينئذ والامتثال الإجمالي.
الثاني : ما لا يحتاج إلى التكرار مع كون منشأ الاحتياط والامتثال الإجمالي الشكّ في توجّه الأمر الإلزامي إليه وعدمه ، مثل ما لو شكّ في شيء أنّه واجب أم لا ، فمع إمكان تحصيل العلم التفصيليّ به يقع الامتثال امتثالا قطعيّا فهل يجوز الإتيان به رجاء أم لا؟ وبعبارة اخرى هل حسن الاحتياط مخصوص بصورة عدم إمكان تحصيل العلم التفصيلي أم حتّى مع إمكان ذلك هو حسن؟ المشهور بين المتأخّرين جواز الاحتياط ، لأنّ المطلوب في العبادة على تقدير وجوبها واقعا هو وقوع ذات الفعل متقرّبا به إلى الله تعالى ، وهو حاصل في المقام.
نعم ، العبادة هنا فاقدة لقصد الوجه مميّزا ، وقد ذكرنا عدم اعتباره لجريان البراءة الشرعيّة عنه ، أو لأنّ عدم البيان بيان للعدم في مثله ممّا يكون الابتلاء به كثيرا عند العامّة.
هذا هو المشهور عند كافّة المتأخّرين من الفقهاء والأصوليّين ، لكنّ الميرزا النائيني قدسسره (١) ذهب إلى عدم جواز الاحتياط في المقام مع التمكّن من المعرفة تفصيلا ، لأنّه زعم أنّ التحرّك عن إرادة المولى مقدّم في مقام الامتثال على التحرّك عن احتمال الإرادة ، وزعم أنّ العقل قاض بذلك مع أنّ وجوب الإطاعة للواجبات عقلي لا شرعي. وحينئذ فإذا شك في كيفية الإطاعة عقلا ينبغي أن يؤتى بكلّ
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٣ : ٧١ و ٤ : ١٤١.