القطعي ، لأنّه يقطع بأنّ إحدى هذه الصلوات مأمور بها قطعا غاية الأمر أنّه لا يميّزها. وبالجملة فلو سلّمنا أنّ الامتثال الاحتمالي في طول الامتثال التفصيلي القطعي فالمقام من قبيل الامتثال القطعي التفصيلي ، غاية الأمر أنّه يعوزه التمييز وسيأتي أنّه غير معتبر عنده أيضا. وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ الاحتياط حيث يحتاج إلى التكرار في العبادة أولى بالجواز ممّا لا يحتاج ، لأنّه امتثال قطعي.
وأمّا الكلام في الثانية وهو جواز الاحتياط والامتثال الإجمالي إذا كان مستوجبا للتكرار في ضمن العبادة ، مثل ما لو شكّ في وجوب الجهر والإخفات في ظهر يوم الجمعة فهنا يمكنه أن يأتي بقراءة جهرية واخرى إخفاتيّة ويقصد بالواجب الواقعي الجزئيّة وبغيره القرآنيّة ، فمع تمكّنه من العلم التفصيلي بالواجب هل له الامتثال الإجمالي أم لا؟ الميرزا النائيني قدسسره على الجواز مفرّقا بينها وبين ما تقدّم بأنّ الأمر هنا قطعي (١).
والجواب : أنّا إن قلنا بكون الامتثال الاحتمالي في طول التفصيلي لا مجال هنا للصحّة أيضا ، لأنّ الأمر المتوجّه إلى الصلاة ينحلّ إلى أجزائها فيكون في كلّ جزء من أجزائها أمر ، فإذا قلنا بأنّ الامتثال التفصيلي للأمر يتقدّم على الامتثال الإجمالي له فهنا لا بدّ من التقدّم أيضا ، هذا كلّه حيث يكون العلم التفصيلي ممكنا.
وأمّا إذا لم يكن العلم التفصيلي ممكنا وكان الظنّ التفصيلي ممكنا ، فالظنّ تارة يكون معتبرا بالخصوص واخرى يكون اعتباره بدليل الانسداد ، فإنّ كان معتبرا بالخصوص فحكمه حكم العلم في الجواز ، لأنّ دليل الاعتبار أتمّ كشفه الناقص وجعله علما تعبّديّا ، إلّا أنّ بينه وبين العلم فرقا ، وهو أنّه مع العلم لا يمكن الاحتياط ومع الظنّ يمكن الاحتياط ، لأنّ الشكّ الوجداني لا يزيله دليل الاعتبار فيبقى معه مجال الاحتياط.
__________________
(١) انظر الفوائد ٣ : ٧٤.