____________________________________
والأخير في العمل فيها قبل الظفر عليهما.
والبرهان الجامع الذي يثبت به المدّعى في جميعها ، أنّ الشارع كلّما أراد نشر الدين وأحكامه وتوقف العلم بها على النظر والفحص ، فلا يجوز له الترخيص في تركه ؛ لأنّ الترخيص المزبور مستلزم لانمحاق ذلك الدين وأحكامه ، والتالي باطل لكونه مستلزما لنقض الغرض وانمحاق ما أراد الشارع انفاذه ، فكذلك المقدّم.
ولا يفرّق في ذلك بين جميع الوقائع أو الواقعة الواحدة ، والمراد بتوقف العلم على النظر والفحص إنّما هو توقف غالبي ، وإلّا فربّما يحصل العلم نادرا ولو لم يكن في مقام النظر والفحص ، هذا.
فإن قلت : إنّ البرهان المزبور لا يتمّ في الاصول المثبتة للتكاليف ، فإنّ نقض الغرض لا يلزم في العمل بها قبل الفحص ، مع أنّ وجوب الفحص ثابت مطلقا.
قلت : سلّمنا عدم دلالة الدليل المزبور ، لكن كفانا في إثباته ؛ تارة : تحقّق الإجماع على ثبوته في العمل بها.
ولا يرد عليه ما أوردناه على الإجماع السابق ، كيف وتلك الاصول شرعيّة لا مسرح للعقل فيها.
واخرى : ما دلّ على وجوب تحصيل العلم ، فإنّ مفاد مثل ذلك ليس إلّا أمانة الاصول وإتيان ضوئها بمقام الافول.
ودعوى أنّ مفادها لعلّه الوجوب النفسي ـ فلا ربط له بالمقام ـ مدفوعة بأنّ هذه الدعوى ، كما يأتي منهدم البنيان ، ولم يعرف لها إجمال ولا بيان.
فإن قلت : إنّ مفاد البرهان المزبور مناف لما استقرّ عليه بناء العقلاء في الشبهات من التكاليف الصادرة من مواليهم إلى عبيدهم من عدم الفحص.
أترى من نفسك أنّ العبد إذا احتمل صدور التكليف من مولاه ، فلم يأت بمقام السؤال ، لذمّة العقلاء حاشا؟.
ويؤيّد ذلك أنّ الصحابة في ابتداء صدور الأحكام وتبليغها ليس بناؤهم على السؤال ، وكذلك ما يحتملون صدور الحكم فيه ، بل ينتظرون لإخبار النبي صلىاللهعليهوآله ، فكلّ ما أخبرهم به