لكنّ هذا كلّه خلاف ظاهر المشهور ، حيث إنّ الظاهر منهم ـ كما تقدّم ـ بقاء التكليف بالواقع المجهول بالنسبة إلى الجاهل.
ولذا يبطلون صلاة الجاهل بحرمة الغصب ، إذ لو لا النهي حين الصلاة لم يكن وجه للبطلان.
والثاني : منع تعلّق الأمر بالمأتي به والتزام أنّ غير الواجب مسقط عن الواجب ،
____________________________________
مخالفته ، من حيث إنّ الامتناع منه بسوء اختياره فلا ينافي العقاب عليه وإن امتنع تعلّق الخطاب به ، ويردّ عليه ما تقدّم في الوجه الثالث من أنّ ارتفاع الأمر بالقصر لا ينفع في تصحيح المأتي به وهو التمام.
(لكنّ هذا كلّه خلاف ظاهر المشهور ، حيث إنّ الظاهر منهم ـ كما تقدّم ـ بقاء التكليف بالواقع المجهول بالنسبة إلى الجاهل) المقصّر ، ثمّ إنّ المراد ببقاء التكليف هو بقاء فعليته كما يظهر من حكمهم بكون الجاهل بحكم الغصب كالعامد ، ولذا حكموا ببطلان صلاته لإبقاء الشأنية وإلّا لحكموا ببطلان صلاة الجاهل بالموضوع ، ولإبقاء مجرّد أثر التكليف ـ أعني : العقاب ـ وإلّا لم يحكموا بصحّة صلاة المتوسّط في الأرض المغصوبة ، كما في بحر الفوائد بتصرّف.
(ولذا يبطلون صلاة الجاهل بحرمة الغصب ، إذ لو لا النهي حين الصلاة لم يكن وجه للبطلان) ، ويمكن الفرق بين المقام والغصب بأنّ المكلّف في مسألة الغصب ملتفت إلى الغصب وإن كان معتقدا بعدم حرمته فيمكن حينئذ توجّه النهي إليه ، وهذا بخلاف المقام حيث إنّ المكلّف غافل عن القصر وعن وجوبه فلا يمكن توجّه الأمر إليه ، فالقول بالتكليف الواقعي في مسألة الغصب لا يستلزم القول به في المقام أيضا. هذا تمام الكلام في دفع الإشكال بالأمر الأوّل.
وقد أشار قدسسره إلى دفعه بالتزام الأمر الثاني بقوله :
(والثاني : منع تعلّق الأمر بالمأتي به والتزام أنّ غير الواجب مسقط عن الواجب) ، بأن كان المأتي به أمرا أجنبيا غير مأمور به ومع ذلك كان مسقطا عن الواجب.
فالحاصل حينئذ أنّ وجوب القصر وإن كان منجّزا على الجاهل المقصّر ، وكان معاقبا على تركه إلّا أنّ الإتمام مسقط للإعادة ، وليس بمأمور به حتى يلزم ما تقدّم في الإشكال