إلّا ما ربّما يتوهّم من أنّ العلم بالتكليف ثابت مع العلم ببلوغ النصاب ، بخلاف ما لم يعلم به.
وفيه : إنّ العلم بالنصاب لا يوجب الاحتياط مع القدر المتيقّن ودوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، مع كون الزائد على تقدير وجوبه تكليفا مستقلا.
ألا ترى أنّه لو علم بالدين وشكّ في قدره ، لم يوجب ذلك الاحتياط والفحص ، مع أنّه لو كان هذا المقدار يمنع من إجراء البراءة قبل الفحص لمنع منها بعده ، إذ العلم الإجمالي لا يجوز معه الرجوع إلى البراءة ولو بعد الفحص؟.
____________________________________
وبالجملة ، إنّه لا فرق بين المسألتين (إلّا ما ربّما يتوهّم من أنّ العلم بالتكليف ثابت) إجمالا(مع العلم ببلوغ النصاب ، بخلاف ما لم يعلم به).
فالشكّ في المسألة الاولى مع العلم بأصل التكليف شكّ في المكلّف به فيجب فيه الفحص والاحتياط ، بخلاف الشكّ في المسألة الثانية حيث يكون في أصل التكليف ، ولا يجب فيه الفحص ولا الاحتياط.
(وفيه : إنّ العلم بالنصاب لا يوجب الاحتياط مع القدر المتيقّن) ، لما تقدّم في دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر من عدم وجوب الاحتياط فيما إذا كان الأقلّ والأكثر ارتباطيّين ، فضلا عن كونهما استقلاليّين.
وما نحن فيه من قبيل الثاني ؛ لأنّ وجوب الزكاة في النصاب الأوّل تكليف مستقل وفي النصاب الثاني كذلك ، فالواجب هنا مردّد بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، والعلم الإجمالي في الأقلّ والأكثر الاستقلالي ينحلّ إلى علم تفصيلي بالنسبة إلى وجوب زكاة النصاب الأوّل وشكّ بدوي بالنسبة إلى وجوب زكاة النصاب الثاني ، فيجري فيه أصل البراءة من دون فرق بين الشكّ في المسألة الاولى وبين الشكّ في أصل النصاب في المسألة الثانية ، حيث إنّ الشكّ فيهما شكّ في أصل التكليف ، والشبهة فيهما موضوعيّة وجوبيّة.
(ألا ترى أنّه لو علم بالدين وشكّ في قدره ، لم يوجب ذلك الاحتياط والفحص) ، بل يرجع إلى أصل البراءة بالنسبة إلى الزائد ، (مع أنّه لو كان هذا المقدار يمنع ... إلى آخره).
يعني : إنّ العلم بالتكليف مع الشكّ في مقدار المكلّف به وتردّد الأمر فيه بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين إن كان مانعا عن أصالة البراءة قبل الفحص كان مانعا من إجرائها بعده