إنّ إيجاب العمل بالأصل لثبوت حكم آخر ؛ إمّا بإثبات الأصل المعمول به لموضوع انيط به حكم شرعي ، كأن يثبت بالأصل براءة ذمّة الشخص الواجد لمقدار من المال واف بالحجّ من الدّين ، فيصير بضميمة أصالة البراءة مستطيعا ، فيجب عليه الحجّ ، فإنّ الدّين مانع عن الاستطاعة ، فيدفع بالأصل ويحكم بوجوب الحجّ بذلك المال ، ومنه المثال الثاني ، فإنّ أصالة عدم بلوغ الماء الملاقي للنجاسة كرّا يوجب الحكم بقلّته التي انيط بها الانفعال.
____________________________________
ومنها : أن يكون الترتّب بينهما عقليّا كترتّب وجوب المهمّ على عدم وجوب الأهمّ ، بناء على القول باستحالة الترتّب ، وحينئذ لو فرض ترخيص الشارع ترك الأهمّ ولو ظاهرا ، كان المهمّ واجبا عقلا. هذا تمام الكلام في بيان صور ترتّب الإلزام على الأصل ، إلّا أنّ المصنّف قدسسره اكتفى بذكر القسم الأوّل والثاني.
وقد أشار المصنّف قدسسره إلى القسم الأوّل بقوله :
(إنّ إيجاب العمل بالأصل لثبوت حكم آخر ؛ إمّا بإثبات الأصل المعمول به لموضوع انيط به حكم شرعي ، كأن يثبت بالأصل براءة ذمّة الشخص الواجد لمقدار من المال واف بالحجّ من الدّين ، فيصير بضميمة أصالة البراءة مستطيعا ، فيجب عليه الحجّ ، فإنّ الدّين مانع عن الاستطاعة ، فيدفع بالأصل) فيكون الأصل مثبتا لموضوع وجوب الحجّ وهو الاستطاعة ، لأنّها تحصل بوجود المقتضي ، أعني : المال ، وعدم المانع وهو الدين ، والأوّل موجود بالوجدان ، والثاني يثبت بالأصل.
ومن هنا يعلم أنّ المراد بالموضوع ليس خصوص تمام ما يترتّب عليه الحكم الشرعي ، بل أعمّ ممّا له المدخليّة فيه ولو بنحو الجزئيّة أو الشرطيّة.
(ويحكم بوجوب الحجّ بذلك المال ، ومنه المثال الثاني ، فإنّ أصالة عدم بلوغ الماء الملاقي للنجاسة كرّا يوجب الحكم بقلّته التي انيط بها الانفعال).
لأنّ الحكم بالانفعال والنجاسة مترتّب في الأدلّة على الماء القليل ، أي : غير الكرّ ، كما أنّ الحكم بعدمها مترتّب على كون الماء كرّا ، كما يدلّ عليه قوله عليهالسلام : (إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء) (١) حيث إنّه يدلّ بالمنطوق على عدم الانفعال بمجرّد الملاقاة إذا كان كرّا ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ / ١. الفقيه ١ : ٨ / ١٢. التهذيب ١ : ٤٠ / ١٠٩. الاستبصار ١ : ٦ / ١. الوسائل ١ : ١٥٨ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٩ ، ح ١.