وكذلك حرمة الترافع عند حكّام الجور إذا توقّف أخذ الحقّ عليه ، ومنه براءة ذمّة الضارّ من تدارك ما أدخله من الضرر ، إذ كما أنّه تشريع حكم يحدث معه الضرر منفيّ بالخبر ، كذلك تشريع ما يبقى معه الضرر الحادث ، بل يجب أن يكون الحكم المشروع في تلك الواقعة على وجه يتدارك ذلك الضرر كأن لم يحدث ، إلّا أنّه قد ينافي هذا قوله : (لا ضرار) ، بناء على أنّ معنى الضرار المجازاة على الضرر.
وكذا لو كان بمعنى المضارّة التي هي من فعل الاثنين ، لأنّ فعل البادئ منهما ضرر قد نفي بالفقرة الاولى ، فالضرار المنفي بالفقرة الثانية إنّما يحصل بفعل الثاني ، وكأنّ من فسّره بالجزاء على الضرر أخذه من هذا المعنى ، لا على أنّه معنى مستقلّ.
____________________________________
الناشئ من قبله الضرر ونفي تشريعه ، من دون فرق بين حكمه التكليفي أو الوضعي.
فحينئذ كلّ حكم ـ تكليفيّا كان أو وضعيّا ـ يلزم من جعله ، أو إمضائه شرعا ضرر على أحد ، سواء كان الضرر من قبل الجعل الشرعي ، أو من قبل العباد ، فهو منفي شرعا وغير مجعول للشارع ، ولا ممضى من قبله ، فكما أنّ لزوم البيع ـ مع الغبن والعيب وبدون حقّ الشفعة للشريك ـ منفي لكونه ضرريّا ، كذلك وجوب الغسل والوضوء والصوم والحجّ وغير ذلك من العبادات منفي إذا لزم منه التضرر.
(وكذلك حرمة الترافع عند حكّام الجور إذا توقّف أخذ الحقّ عليه).
أي : ترتفع حرمة الترافع عند حكّام الجور إذا توقّف استرداد الحقّ على الترافع عندهم.
(ومنه براءة ذمّة الضارّ من تدارك ما أدخله من الضرر).
وممّا يرتفع شرعا بأدلّة نفي الضرر أيضا براءة ذمّة الضارّ ، (إذ كما أنّه تشريع حكم يحدث معه الضرر منفيّ بالخبر ، كذلك تشريع ما يبقى معه الضرر الحادث) كبراءة الذمّة منفي به.
(إلّا أنّه قد ينافي هذا) ، أي : نفي تشريع ما يبقى معه الضرر كبراءة ذمّة الضارّ في المثال الأخير(قوله : (لا ضرار) ، بناء على أنّ معنى الضرار المجازاة على الضرر ، وكذا لو كان بمعنى المضارّة التي هي من فعل الاثنين) فلا تنافي بين نفي تشريع ما يبقى معه الضرر ، وبين الضرار بمعنى الضرر ، لأنّ الضرار بمعنى الضرر تأكيد للضرر ، ونفيه تأكيد لنفيه.