الماء ، وحرمة الترافع إلى حكّام الجور ، وغير ذلك.
____________________________________
ثبوت الحكم الضرري ، إذ معنى القاعدة ـ حينئذ ـ هو الحرمة مع عدم المضي ، أي : كون الضار ضامنا ، فينافي هذا الحكم بالبراءة ، أي : براءة ذمّة الضارّ بمعنى كون إتلافه غير مضمون ، بمعنى أنّه لا يكون ضامنا ، فالحكم الضرري ، وهو براءة ذمّة الضارّ يتنافى مع القاعدة ، إذ لازم الأوّل أن لا يكون الضار ضامنا ، ومفاد الثاني أن يكون ضامنا.
وأمّا إن اريد بها المعنى الأوّل ، وهو عدم تشريع الأحكام الضرريّة ، فتتنافى ـ حينئذ ـ جميع الأدلّة الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرري.
وكيف كان ، فيقع الكلام على فرض التنافي بينهما في تقدّم الأدلّة عليها بالحكومة ، أو حكومتها هي على سائر الأدلّة المعارضة الاخرى ، ومختار المصنّف قدسسره هو الأخير ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(إنّ هذه القاعدة حاكمة على جميع العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرري ، كأدلّة لزوم العقود ، وسلطنة الناس على أموالهم ، ووجوب الوضوء على واجد الماء ، وحرمة الترافع إلى حكّام الجور ، وغير ذلك).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره في المقام ، هو أنّ معنى الحكومة كما سيأتي في كلامه هو كون أحد الدليلين ناظرا إلى الآخر ، بحيث لو لم يكن الدليل المحكوم لكان ورود الدليل الحاكم لغوا ، وقد تقدّمت أقسامها في أوّل بحث البراءة فراجع.
ومجمل الأقسام في المقام هو أنّ الدليل الحاكم ؛ تارة : يكون ناظرا إلى عقد وضع الدليل المحكوم. واخرى : إلى عقد حمله. وعلى كلا التقديرين ؛ تارة : تكون نظارته بالإثبات والتوسعة. واخرى : بالنفي والتضييق.
ودليل لا ضرر في المقام ناظرا إلى عقد حمل الدليل المحكوم بالنفي والتضييق ، وذلك لأنّ الوضوء واجب على واجد الماء ، والعقد لازم ، و (الناس مسلّطون على أموالهم) (١) والترافع إلى حكّام الجور حرام ما لم تكن الأحكام المذكورة ضرريّة ، ومفاد دليل (لا ضرر) أنّ الوضوء ليس واجبا على واجد الماء لو كان متوقّفا على بذل الثمن الكثير ، لكونه ضررا ،
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٣ : ٢٠٨ / ٤٩ ، البحار ٢ : ٢٧٢ / ٧.