قلت : جميع المسائل الاصوليّة كذلك ، لأنّ وجوب العمل بخبر الواحد وترتيب آثار الصدق عليه ليس مختصّا بالمجتهد.
نعم ، تشخيص مجرى خبر الواحد وتعيين مدلوله وتحصيل شروط العمل به مختصّ بالمجتهد ، لتمكّنه من ذلك وعجز المقلّد عنه ، فكأنّ المجتهد نائب عن المقلّد في تحصيل مقدّمات العمل بالأدلّة الاجتهاديّة وتشخيص مجاري الاصول العمليّة ، وإلّا فحكم الله الشرعيّ في الاصول والفروع مشترك بين المجتهد والمقلّد.
هذا ، وقد جعل بعض السادة الفحول الاستصحاب دليلا على الحكم في مورده ، وجعل قولهم عليهمالسلام : (لا تنقض اليقين بالشكّ) دليلا على الدليل ـ نظير آية النبأ بالنسبة إلى خبر الواحد ـ
____________________________________
(قلت : جميع المسائل الاصوليّة كذلك).
أي : مثل الاستصحاب في أنّ موضوعها لا يتحقّق ولا يتشخّص إلّا بالمجتهد ، فيكون المجتهد في تشخيص الموضوع وتحصيل شرط العمل بها نائبا عن المقلّد ، وهذا المقدار من الاختصاص يكفي في كون المسألة اصوليّة ، وإلّا يجري الإشكال المذكور في جميع المسائل الاصوليّة ، وذلك لأنّ العمل بها لا يختصّ بالمجتهد ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(لأنّ وجوب العمل بخبر الواحد وترتيب آثار الصدق عليه ليس مختصّا بالمجتهد).
وقد كان معاصرو المعصومين عليهمالسلام ومقاربو أعصارهم من أهل اللسان يعملون بالروايات ، بل هم المخاطبون بوجوب العمل بروايات الثقات ، لقدرتهم يومئذ على تحصيل شرائط العمل ، أو لصدور الخطاب في زمان الحاجة.
نعم ، ربّما كانوا يقلّدون ـ أيضا ـ من أجاز المعصوم عليهالسلام تقليده. وأمّا في أمثال زماننا ، فلا بدّ من التقليد ، وذلك لعدم قدرة الجاهل على تحصيل شرائط العمل بالرواية وإن كان من أهل اللسان ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
(وقد جعل بعض السادة) وهو السيّد العلّامة الطباطبائي بحر العلوم قدسسره في فوائده (الاستصحاب دليلا على الحكم في مورده ، وجعل قولهم عليهمالسلام : (لا تنقض اليقين بالشكّ) دليلا على الدليل ، نظير آية النبأ بالنسبة إلى خبر الواحد).
والغرض من ذكر كلام السيّد قدسسره هو إثبات كون مسألة الاستصحاب من المسائل