إذا عرفت ما ذكرناه ، ظهر أنّ عدّ القول بالتفصيل بين الأحكام الشرعيّة والامور الخارجيّة قولين متعاكسين ، ليس على ما ينبغي ، لأنّ المراد بالحكم الشرعي إن كان هو الحكم الكلّي الذي أنكره الأخباريّون ، فليس هنا من يقول باعتبار الاستصحاب فيه ونفيه في غيره. فإنّ ما حكاه المحقّق الخوانساري واستظهره السبزواري هو اعتباره في الحكم الشرعي بالإطلاق الثاني الذي هو أعمّ من الأوّل.
وإن اريد بالحكم الشرعي الإطلاق الثاني الأعمّ ، فلم يقل أحد باعتباره في غير الحكم الشرعي وعدمه في الحكم الشرعي ، لأنّ الأخباريّين لا ينكرون الاستصحاب في الأحكام الجزئيّة.
ثمّ إنّ المحصّل من القول بالتفصيل بين القسمين المذكورين في هذا التقسيم ثلاثة :
الأوّل : اعتبار الاستصحاب في الحكم الشرعي مطلقا ، جزئيّا كان كنجاسة الثوب ، أو كلّيّا كنجاسة الماء المتغيّر بعد زوال التغيّر. وهو الظاهر ممّا حكاه المحقّق الخوانساري.
الثاني : اعتباره في ما عدا الحكم الشرعي الكلّي وإن كان حكما جزئيّا. وهو الذي حكاه في الرسالة الاستصحابيّة عن الأخباريّين.
الثالث : اعتباره في الحكم الجزئي دون الكلّي ودون الامور الخارجيّة. وهو الذي ربّما يستظهر ممّا حكاه السيّد شارح الوافية عن المحقّق الخوانساري في حاشية له على قول الشهيد قدسسره في تحريم استعمال الماء النجس والمشتبه.
الثالث : من حيث إنّ المستصحب قد يكون حكما تكليفيّا ، وقد يكون وضعيّا شرعيّا ،
____________________________________
المراد بالحكم الشرعي هو الإطلاق الأوّل ، فالأصل صحيح ، كما يظهر من الأخباريّين ، والعكس غير صحيح ، إذ لم يقل أحد بإنكار الاستصحاب في الأحكام الجزئيّة والامور الخارجيّة ، واعتباره في الأحكام الكلّية فقط ، وأمّا إن كان المراد بالحكم الشرعي هو الإطلاق الثاني ، فالعكس صحيح دون الأصل ، كما لا يخفى.
وقد أشار المصنّف قدسسره إلى عدم صحّة القولين المتعاكسين بقوله :
(إنّ عدّ القول بالتفصيل بين الأحكام الشرعيّة والامور الخارجيّة قولين متعاكسين ، ليس على ما ينبغي).
ثمّ أشار إلى الوجه الثالث بقوله :