يعلم أنّ المناط الحقيقي فيه باق في زمان الشكّ أو مرتفع ، إمّا من جهة جهل المناط أو من جهة الجهل ببقائه مع معرفته ، فيستصحب الحكم الشرعي.
____________________________________
فيلزم حينئذ سدّ باب الاستصحاب في جميع الأحكام!!.
وحاصل الدفع مبني على الفرق بين الأحكام العقليّة والأحكام الشرعيّة المستقلّة ، وذلك لأنّ المناط والموضوع في الأحكام العقليّة أمر واحد ، لأنّ الحكم العقلي إنّما يعرض لما هو المناط والعلّة ، ولهذا لا يعقل الشكّ فيه حتى يجري الاستصحاب ، كما عرفت.
وهذا بخلاف الأحكام الشرعيّة المستقلّة ، حيث يمكن أن يكون مناط الحكم واقعا فيها غير ما هو موضوع الحكم ظاهرا وفي لسان الدليل ، فيمكن الشكّ في وجود مناط الحكم واقعا ولو كان العنوان الذي تعلّق به الحكم ظاهرا باقيا ، ولهذا يمكن للشارع أن يحكم بحرمة عنوان شكّ في بقاء حرمته بالاستصحاب ، مع فرض القطع ببقاء أصل العنوان الموضوع للحكم في لسان الدليل ، وذلك لما عرفت من الشكّ في بقاء الحرمة من جهة الشكّ في وجود ما هو المناط للحكم واقعا في نظر الشارع ، فيقال : إنّ العنوان الفلاني كان حراما سابقا والأصل بقاء حرمته في ظرف الشكّ.
فالمتحصّل من الجميع ، هو جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة المستقلّة لأجل الشكّ فيها ، وعدم جريانه في الأحكام العقليّة لعدم تعقّل الشكّ فيها أصلا.
هذا تمام الكلام في أصل المطلب ، أمّا توضيح عبارة المتن فنكتفي فيها بما ذكره الاستاذ الاعتمادي.
(وهذا) ، أي : كون موضوع الحكم العقلي مبيّنا مفصّلا الموجب لرجوع الشكّ إلى الموضوع (بخلاف الأحكام الشرعيّة) الثابتة بالدليل الشرعي (فإنّه قد يحكم الشارع على الصدق) الخاصّ (بكونه حراما ، ولا يعلم أنّ المناط الحقيقي فيه) ما ذا؟ هل أنّه (باق في زمان الشكّ أو مرتفع ، إمّا من جهة جهل المناط أو من جهة الجهل ببقائه مع معرفته ، فيستصحب الحكم الشرعي)؟ إذ مع عدم العلم بالمناط يحكم العرف بأنّ هذا الصدق كان حراما وشكّ الآن في حرمته ، فالموضوع محرز عرفا ، والشكّ في بقاء حكمه فيستصحب.