وأمّا إذا لم يكن العدم مستندا إلى القضيّة العقليّة ، بل كان لعدم المقتضي
____________________________________
فإذا حكم العقل بوجود حكم نظرا إلى وجود مناطه الذي هو العلّة التامّة له ، فلا يجوز للشرع أن يحكم بوجود ذلك الحكم في هذا المورد من جهة اخرى وبمناط آخر ، وإلّا لزم ؛ إمّا خطأ العقل في إدراكه ، أو جواز اجتماع علّتين مستقلّتين على معلول واحد ، وكلاهما باطل.
أمّا بطلان الثاني فواضح لا يحتاج إلى البيان.
وأمّا بطلان الأوّل ، فلأنّ المفروض عدم خطئه ؛ فلا بدّ ـ حينئذ ـ من أن يكون المناط والموضوع في حكم العقل هو المناط والموضوع في حكم الشرع ، ولا يعقل أن يكون حكم الشرع مستندا إلى مناط وموضوع آخر غير ما هو المناط والموضوع في حكم العقل ، ولهذا تكون الأحكام الشرعيّة الوجوديّة الواردة في موارد الأحكام العقليّة دائما مستندة إلى الأحكام العقليّة ، بخلاف الأحكام الشرعيّة العدميّة فإنّها قد تكون مستندة إلى الأحكام العقليّة وقد لا تكون ، وحكمها حكم الأحكام العقليّة في عدم جريان الاستصحاب فيما إذا كانت مستندة إليها ، كما أشار المصنّف قدسسره بقوله :
(كعدم وجوب الصلاة مع السورة على ناسيها ، فإنّه لا يجوز استصحابه بعد الالتفات).
وعدم وجوب الصلاة مع السورة ممّا يحكم به العقل في حقّ الناسي حال النسيان ، ويحكم به الشرع ـ أيضا ـ بقاعدة الملازمة وهي : «كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع» ، إلّا أنّه لا يجوز استصحاب العدم المذكور بعد الالتفات ، وذلك لتبدّل الموضوع والعنوان ، لأنّ عدم وجوب الصلاة مع السورة كان بعنوان الناسي وقد ارتفع ـ وتبدّل بالذاكر.
(كما صدر من بعض) ، أي : صدر استصحاب العدم من بعض ، كالمحقّق القمّي قدسسره حيث (مال إلى الحكم بالإجزاء في هذه الصورة ، وأمثالها من موارد الأعذار العقليّة) كالنسيان والعجز ، والجهل عن قصور وغيرها ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي (الرافعة للتكليف مع قيام مقتضيه) حيث تكون في قراءة السورة مصلحة تقتضي وجوبها على المكلّف ، إلّا أنّه مرتفع عن ذوي الأعذار العقليّة ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
ونكتفي بتوضيح العبارة بما جاء فيه ، لما فيه من كفاية التوضيح حيث قال : (وأمّا إذا لم يكن العدم مستندا إلى القضيّة العقليّة) تمهيد مقدّمة لتوجيه استصحاب حال العقل