لا تحصى كثرة في القرآن وغيره ، مثل قوله تعالى : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)(١) ، و (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ)(٢) ، (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)(٣) ، (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(٤)(فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)(٥)(إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(٦)(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ)(٧) إلى غير
____________________________________
عليه الوضوء (قامت العلّة) ، أي : علّة عدم وجوب الوضوء وهو قوله عليهالسلام : (فإنّه على يقين من وضوئه) (مقامه ، لدلالة ما عليه) ، أي : لدلالة قوله : (فإنّه على يقين من وضوئه) على الجواب المحذوف ، ووجه الدلالة تصديره بالفاء الجزائيّة.
والحاصل أنّ علّة عدم وجوب الوضوء ـ وهي اليقين بالوضوء ـ قد قامت مقام الجواب وهو المعلول ، وقيام علّة جواب الشرط مقامه كثير في الآيات وغيرها (مثل قوله تعالى : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)) حيث يكون التقدير : إن تجهر بالقول فقد تتعب نفسك بما لا حاجة إليه من الجهر بالقول ، لأنّ الله (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى).
و (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) ، أي : وإن تكفروا فلن يضرّ الله كفركم ، بل يعود ضرره عليكم ، لأنّ الله سبحانه غني عنكم ، وقد اقيم السبب مقام المسبّب على احتمال ، وعلى احتمال آخر يكون نفس قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) جزاء للشرط.
(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) والجواب في كلا الموردين هو فلن يضرّ الله.
(فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ، أي : وإن يكفر بالكتاب والحكمة والنبوّة فلا تلغى أو لا تتعطل ، هذا على احتمال ، وعلى احتمال آخر أنّ الجزاء هو
__________________
(١) طه : ٧.
(٢) الزمر : ٧.
(٣) النمل : ٤٠.
(٤) آل عمران : ٩٧.
(٥) الأنعام : ٨٩.
(٦) يوسف : ٧٧.
(٧) فاطر : ٤.