ثمّ ارتكاب الحمل على التقيّة في مورد الرواية ، وحمل القاعدة المستشهد بها لهذا الحكم المخالف للواقع على بيان الواقع ، لتكون التقيّة في إجراء القاعدة في المورد ـ لا في نفسها ـ مخالفة اخرى للظاهر وإن كان ممكنا في نفسه ، مع أنّ هذا المعنى مخالف لظاهر صدر الرواية الآبي عن الحمل على التقيّة ، مع أنّ العلماء لم يفهموا منها إلّا البناء على الأكثر ، إلى غير ذلك
____________________________________
لأنّ مقتضى الأصل في جهة الصدور هو الصدور لبيان الحكم الواقعي لا التقية.
(ثمّ ارتكاب الحمل على التقيّة في مورد الرواية ، وحمل القاعدة المستشهد بها لهذا الحكم المخالف للواقع على بيان الواقع ، لتكون التقيّة في إجراء القاعدة في المورد ـ لا في نفسها ـ مخالفة اخرى للظاهر).
والغرض من هذا الكلام هو أنّ قوله عليهالسلام : (ولا ينقض اليقين بالشكّ) جاء لبيان الواقع وهو قاعدة الاستصحاب وعدم جواز نقض اليقين بالشكّ من دون تقيّة فيه أصلا ، وإنّما التقيّة في تطبيقها على المورد بناء على أنّ المورد يكون من موارد البناء على الأقلّ ، والإتيان بالركعة المشكوكة موصولة عند العامّة ، كما وقع نظيره في قوله عليهالسلام للخليفة العباسي : (ذلك إلى إمام المسلمين إن صام صمنا معه وإن أفطر أفطرنا معه) (١) ، فإنّ أصل الكبرى ، أي : الحكم بكون اليوم الفلاني عيدا من وظائف إمام المسلمين والأمر بيده ، ولا شكّ في هذا الحكم وليس فيه تقيّة ، بل هو حكم واقعي ، والتقيّة في تطبيق عنوان إمام المسلمين على ذلك الرجل خوفا منه ، ففي المقام ـ أيضا ـ يكون الأمر كذلك ، وذلك بأن يكون قوله عليهالسلام : (لا ينقض اليقين بالشكّ) لبيان قاعدة الاستصحاب ولا تقيّة فيه ، بل التقيّة في تطبيقها على المورد ليكون موافقا لمذهب العامّة القائلين بالبناء على الأقلّ ، ثمّ الإتيان بالركعة المشكوكة متّصلة ببقيّة الركعات عملا بالاستصحاب.
ثمّ إنّ حاصل ردّ المصنّف قدسسره لهذا الحمل هو قوله : إنّ هذا الحمل وإن كان ممكنا في نفسه إلّا أنّه مخالف للظاهر ، والأصل من جهة اخرى ، وذلك لأنّ الأصل في التطبيق هو التطبيق الحقيقي لا التطبيق تقيّة.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : (مع أنّ هذا المعنى) ، أي : البناء على الأقلّ (مخالف لظاهر صدر
__________________
(١) الكافي ٤ : ٨٣ / ٧. الوسائل ١٠ : ١٣٢ ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ، ب ٥٧ ، ح ٥ ، باختلاف فيهما.