فهو نظير ما لو شكّ في بقاء تأثير الوضوء المبيح ، كوضوء التقيّة بعد زوالها ، لا من قبيل الشكّ في ناقضيّة المذي. وعلى الثاني : لا معنى لاستصحاب العدم ، إذ لا شكّ في مقدار تأثير
____________________________________
والسببيّة وعدم الرافع ، كي يقال بأنّ الثاني حاكم على الأوّل ، وذلك إن فرض المثال المذكور من قبيل الشكّ في المقتضي ، فلا مجال للأصل الثالث الحاكم لانتفاء موضوعه ، وإن فرض من قبيل الشكّ في الرافع ، فلا مجال لاستصحاب عدم الجعل والسببيّة كما عرفت ، حتى يكون معارضا مع استصحاب الطهارة والنجاسة.
وبالجملة ، إنّه إن كان الشكّ في المقتضي ومقدار تأثير المؤثّر ، فلا يجري استصحاب عدم الرافع ، وإن كان الشكّ في الرافع فلا يجري استصحاب العدم الأزلي ، كما مرّ.
(إلّا أن يتمسّك باستصحاب وجود المسبّب).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره ، هو التعارض بين استصحاب العدم واستصحاب وجود المسبّب لا بين استصحاب العدم واستصحاب عدم الرافع ، كي يقال بما تقدّم من عدم صحّة الجمع بينهما.
وتقريب التعارض ، هو أنّه إذا كان الشكّ في المقتضي يجري استصحاب العدم الأزلي ، ولا يجري استصحاب عدم الرافع ، إلّا أنّه يجري استصحاب وجود المسبّب كالطهارة المسبّبة عن الوضوء ، فيتعارض الأصلان ويتساقطان.
(فهو) ، أي : الشكّ في المقتضي ومقدار تأثير المؤثّر(نظير ما لو شكّ في بقاء تأثير الوضوء المبيح ، كوضوء التقيّة بعد زوالها ، لا من قبيل الشكّ في ناقضيّة المذي).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره ، هو أنّ ما ذكر من فرض الشكّ في المقتضي ومقدار تأثير الوضوء في الطهارة إنّما يتمّ في بعض الوضوءات وهو الوضوء المبيح للصلاة غير الرافع للحدث ، كوضوء التقيّة والمستحاضة والمسلوس والمبطون ، فإنّا نعلم إجمالا أنّها تبيح الصلاة ، ولا نعلم تفصيلا بأنّها تبيح الصلاة وإن زال العذر ، أو تبيحها ما دام معذورا ، فيرجع حينئذ إلى أصالة عدم التأثير بعد زوال العذر. هذا حكم الوضوء غير الرافع للحدث.
أمّا الوضوء الرافع للحدث الموجب للطهارة ، فلا شكّ في مقدار تأثيره ، فإنّ الطهارة مستعدة للبقاء أبدا ، ولا ترتفع إلّا برافع ، فعند الشكّ في رافعيّة المذي يستصحب بقاء الطهارة.