ففي التخيير هنا ، لأنّه من دوران الأمر في ذلك الشيء بين الوجوب والتحريم ، أو وجوب الاحتياط بتكرار العبادة وفعلها مرّة مع ذلك الشيء واخرى بدونه ، وجهان : مثاله الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة حيث قيل بوجوبه وقيل بوجوب الإخفات وإبطال الجهر ، وكالجهر بالبسملة في الركعتين الأخيرتين ، وكتدارك الحمد عند الشكّ فيه بعد الدخول في السورة.
فقد يرجّح الأوّل : أمّا بناء على ما اخترناه من أصالة البراءة مع الشكّ في الشرطيّة
____________________________________
وعلى الثاني تجري قاعدة التجاوز ، فلا يجوز الإتيان به ، فلو أتى به كان زيادة مبطلة.
وكيف كان ، فالوجوه المتصوّرة في المقام أربعة كما جاء في بحر الفوائد :
أحدها : الرجوع إلى البراءة وعدم الالتفات إلى العلم الإجمالي باعتبار واحد من الفعل والترك في العبادة ، ولو قلنا بالاشتغال في مسألة الأقلّ والأكثر بالنسبة إلى الكثرة الخارجيّة فضلا عن الذهنيّة.
وثانيها : الالتزام بالاحتياط في المقام وتكرار العبادة وفعلها تارة مع فعل الأمر المردّد ، واخرى مع تركه ، ولو قلنا : بالبراءة في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر مطلقا حتى بالنسبة إلى الكثرة الذهنيّة بأقسامها.
ثالثها : الحكم بالتخيير والالتزام بأحد الاحتمالين في مرحلة الظاهر ، سواء كان الدوران بين الشرطيّة والمانعيّة أو الجزئيّة والمانعيّة ، وذلك نظير دوران الأمر بين الوجوب والتحريم.
رابعها : ابتناء حكم المسألة من حيث الرجوع إلى البراءة أو الاحتياط على المختار في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، أو من حيث الحكم بالتخيير والاحتياط على المختار في تلك المسألة. انتهى مورد الحاجة.
وقد أشار المصنّف قدسسره إلى الوجه الثاني والثالث بقوله : (ففي التخيير هنا ، لأنّه من دوران الأمر في ذلك الشيء بين الوجوب والتحريم ، أو وجوب الاحتياط بتكرار العبادة وفعلها مرّه مع ذلك الشيء واخرى بدونه ، وجهان :) وهما التخيير ووجوب الاحتياط.
(فقد يرجّح الأوّل) وهو التخيير سواء قلنا في مسألة الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة بالبراءة أو الاحتياط.